ومعماره، وما ينبعث من أرجائه.. ذلك العطر الخفي، والظلال الهادئة، وطوابير الساعين إلى الصلاة في رحابه وزيارة مرقد الرأس الشريف، لا ينقطعون ليلا أو نهارا، يسعون إليه من القرى النائية، والواحات المعزولة في الصحراء، والمدن القريبة والبعيدة، تنتظم حوله الحياة في أجمل مشاهدها، يفيض المكان بالطمأنينة، بالسكينة، بالرضا.
منذ صدر شبابي كنت أتطلع إلى الآية الكريمة: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.. مكتوبة بخط جميل، حروف خضراء على خلفية من اللون البني، ومحفورة في الجدران، أقرأها فأرق، وأرددها فأستكين، وقد صاحبتني طوال مراحل عمري، ومع بلوغ العمر نقطة متقدمة أستعيدها.. فأحن وأفهم، وأسترجع مغزى ودلالات استشهاد: سيدنا.. و.. مولانا.
إذا ما قيل: الحسين.. فهذا يعني مكانا أيضا..
تعرف مناطق القاهرة القديمة بمراقد آل البيت.. السيدة زينب، السيدة نفيسة، السيد عائشة، سيدي زين العابدين. المركز هو: الحسين. إنه المركز الروحي لمصر كلها وليس القاهرة فقط.. بل في العالم الإسلامي كله. وانظر لما يقوله المقريزي في موسوعة المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ما نصه: (قال الفاضل محمد بن علي بن يوسف بن ميسر: وفي شعبان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة خرج الأفضل ابن أمير الجيوش بعساكر جمة إلى بيت المقدس وبه (سكان)، والغازي (أرفق) في جماعة من أقاربهما ورجالهما وعساكر كثيرة من الأتراك، فراسلهما الأفضل يلتمس منهما تسليم القدس إليه بغير حرب فلم يجيباه لذلك، فقاتل البلد ونصب عليها المنجنيق، وهدم