من حوله وتركوه ليقتل وحيدا، فزاد الهم عليهم وأحسوا بتأنيب الضمير، فبدأ بعقاب أنفسهم بضرب صدورهم ولطم الخدود، من باب عقاب أنفسهم عما بدر منهم، وعقاب على خيانتهم للحسين ومن قبله مسلم وعلي.. وكلما زاد الإحساس بالجرم زاد الفرد منهم الضرب واللطم والنحيب وشق الصدور ورفع النواح، واستمر كل جيل يعاقب نفسه عما فعله أجداده من خيانة للعهد وخيانة للرب، ومع مرور الزمن وموت أوائل القوم الذين خانوا العهد وعاقبوا أنفسهم، جاء جيل لا يعلم السبب الرئيس لهذه العبادة، فظن كل منهم كما كان ينشر علماء الدين أن هذه العبادة حزن على الحسين وآل البيت فقط، وليست لخيانتهم للعهد والبيعة..
وعندما أراد الشيعة البحث عن عبادات يخالفون بها بني أمية، وأرادوا من خلالها إظهار اختلاف عقيدتهم عن باقي المسلمين، ولذلك سعوا إلى التهويل والتشديد من ضرورة هذه العبادة وضرورة الأخذ بها، فجعلوا لها لباسا يميزها وهو السواد، بحجة الحداد على الحسين وآل البيت. وعندما جاء زمن البويهيين الذين حكموا إيران والعراق باسم حماية الخلافة العباسية، قاموا بتنمية الاحتفالات بهذه المناسبة وأصبحت جزءا من الكيان الشيعي.
وزاد في الأمر الشاه إسماعيل الصفوي في تحديه للدولة العثمانية المجاورة له، فقام بإعلان الحداد الكامل في العشر الأول من محرم، والحداد يشمل كل البلاط الصفوي في كل عام، بل ويستقبل الشاه المعزين والمتباكين في عاشوراء. وكانت هناك احتفالات خاصة لهذا الغرض تجتمع بها الجماهير ويحضرها الشاه بنفسه، كما أن الشاه عباس الأول الصفوي والذي استمر حكمه خمسين عاما، كان يلبس السواد يوم عاشوراء، ويلطخ جبينه بالوحل