الأمر أن من قال بالجواز قال بأن الأصل في الأشياء الإباحة، وهذا أصل مسلم عندهم، فلا تشريع ولا بدعة.
ومن قال إنه مستحب لم يقل أنه مستحب بعنوانه الخاص حتى يقال إنه بدعة، بل قال إنه من مصاديق العنوان العام الذي ثبت رجحانه سواء كان الجزع أو المواساة لأهل البيت أو إحياء أمر الدين. ولو افترضنا في أسوأ التقادير أن الطرف الآخر يعتقد بأن التطبير لا ينطبق عليه أي واحد من العناوين العامة، فهذا لا يعني أن يوصف فعل من اعتقد بالإنطباق بأنه بدعة. مثلا لو اختلف شخصان في أن الاحتفال بيوم العامل أو يوم المعلم هل هو من مصاديق التعاون على البر والدعوة إلى التعلم والعمل، وهذه عناوين راجحة أم لا؟ فهل تقبل أن أصف ما يقام حاليا في الجمهورية الإسلامية من احتفال بيوم المعلم بأنه بدعة، لأنني شخصت مثلا أن الدعوة إلى التعلم تكون بإقامة دروس تعليمية وليس الاحتفال بهذا اليوم؟
وأرى من اللازم التنبيه على نكتة جانبية متوجهة لقولكم: (ولكن عدم وجوب الموضوع أو استحبابه بالعنوان الأولي يساعد كثيرا في الالتزام بالحكم الثانوي، يعني الحكم الثانوي يبقى من غير مزاحم على الإطلاق).
فإنه لافرق في تقدم العنوان الثانوي على الأولي بين الوجوب أو الاستحباب أو الجواز، فلو قلنا على سبيل الفرض أن التطبير واجب، فإن حكم الوجوب يرتفع إذا كان هناك ضرر كارتفاع وجوب الصوم مع الضرر، طبعا هذا لا يكون في الأحكام الأولية التي أخذ الضرر المالي أو البدني في ذاتها كالزكاة والجهاد.