الرابعة، فبعض العلماء ذهب إلى عدم حرمة التطبير حتى مع استلزامه السخرية والهتك والتوهين. فإن لم يكن بيني وبينكم اختلاف في هذا المقدار فلا نزاع في هذه النقطة.
2 - من الواضح إننا لا نبحث عن المعنى اللغوي للبدعة - وهو إنشاء الشئ لا على مثال سابق، وإلا فإننا سنشبه ابن تيمية والوهابية في جعل كل حادث جديد بدعة، فنحرم مثلا الاحتفال بالمولد النبوي لأن السلف السابق لم يفعل ذلك. ومن ثم فكون التطبير بدعة بالمعنى اللغوي ليس له أي أثر في القول بحرمته. أما المعنى الاصطلاحي فهو إدخال ما ليس من الدين في الدين، ويتحقق هذا بتحريم ما كان مقطوع الحلية - بما لا مجال للاختلاف فيه ولا يعد من المسائل الاجتهادية - كتحريم زواج المتعة، أو تحليل ما هو مقطوع الحرمة، ويتحقق بأن يختلق حكما لفعل ما لم يرد في الشرع لا بعنوانه الخاص ولا العام، كأن يقول تستحب صلاة التراويح، ويكون قد اختلقها بنفسه. ويتحقق أيضا بأن ينسب حكما معينا إلى الشريعة لفعل ما بعنوان ذلك الفعل، كما لو قال إنه يستحب صيام العاشر من شوال بعنوان كونه العاشر من شوال، وليس بعنوان مطلق الصيام المستحب الذي يكون في كل يوم بما فيه اليوم العاشر من شوال.
وهذا يعني أن البدعة تتحقق إذا أتى بفعل قد ثبت استحبابه مع نسبة الخصوصية الزائدة إلى الشرع، فمصافحة الغير عند لقائه مما ورد الندب إليه في كثير من الروايات، وكثير من الناس يطبقون هذا الاستحباب بعد الانتهاء من صلاة الجماعة مع أنه لم يرد دليل على وروده في هذا الموضع بالخصوص،