بين رأس المسيح بعد الصلب، ورأس الحسين بعد القطع..
وبين رأس يوحنا على طبق، ورأس الحسين على رمح..
وبين خل العطش على الصليب، وملح العطش في عاشوراء..
بين زينبات الحسين، ومريمات المسيح..
وإن الذين رغبوا إلى اقتسام ثياب المسيح على الجلجلة، هم أنفسهم الذين رغبوا إلى اقتسام ثياب الحسين في كربلاء.. وإن الشهوات التي في أعماق هيرودس، هي ذاتها الشهوات التي في أعماق يزيد.. وإن الراقصة التي طالبت بقطع رأس يوحنا، هي ذاتها الدولة التي طالبت بقطع رأس الحسين..
الدولة والراقصة، والراقصة الدولة، الدولة الراقصة.
إنها رمز قاطع المنارات وقاطع الرؤوس: رأس الأنبياء.. رأس الرائين.. رأس الثوار.. رأس المفكرين.. رأس الفلاسفة.. رأس الحرية.. رأس السنبلة.. ورأس الحمام الأبيض، والزيتون المبارك..
(4) لو دخلت عاشوراء يد القضاء لما اختل ميزان قاض، ولو هبت على خفق راية لما أذل وطن.. ولو لامست وسادة حاكم، لمنعته من صلف النعاس.. ولو استوت على سرير خلافة، لما عرف التاريخ قراصنة الأرض، ولصوص الأمم، وشذاذ آفاق الممالك، والمشعبذة والطغاة والسحرة.
ثلاث وسبعون رأسا، ورأس الحسين طليعتها، منارة خلفها منائر، دخلت البلاط اليزيدي على سن ثلاثة وسبعين رمحا.. فهل لشمس بعد أن تشرق؟! ولفرات بعد أن ينساب! ولريح بعد أن تهب! ولطائر بعد أن