هبيني ذؤابتيه المرسلتين، وخلاخيل قدميه، ومشملته، وقميصه المشقوق، والعقد والعود والبكاء الذي ما ترسل من بين أجفانه، مخافة أن يتملح فمه إذا لا مست قطرات دمعه شفتيه.
(2) عندما يحمل الرجال رؤوسهم هم العالم ويصفو دمهم زيتا للحقيقة، وتتوثب في سواعدهم جياد المعارك العلوية، يمر في خاطري الحسين بن علي مقدسا في رسالة، جنة في جسد، سدرة في منتهى، شهيد عقيدة باعها بربه واشتراها بدنياه، وكانت نسبة أن تعيش هي غدا، من نسبة أن يموت هو اليوم. إنه الومض المقدس..
أقعد الجنة عمن أقعد القلب عن الهدى، وأذلت كفه كف من أعز القبض عن العطية، وحبس ديمة الرخاء عمن أطلق في المساكين مزنة البلوى، وقاوم بقوة الحق قوة المنافق واللص والراشي، وأمر نهاية للمفسدين اعذوذبت بدايتها، فأرسل في الظالمين ريحا ونارا ململمتين على شتات هشيم، وأيبس عظم من للعراة عليه بردة الخيلاء، وألهب جوف من للجياع عنده طبق حرام، وسرق من جاء بيت الرزق من غير بابه، ورهن النفس بثقل ما فعلت. وأرسل في أصلابه واعتدال ظهره انحنائة التوبة، وغض العين عما لا يحل لها، واشتعل في سراج الصدر فتيلة الحكمة، وأنبت في روحه الصبر على كل بث وكل أسى، واستقل في جنب ربه زينته تقواه. خادمه يداه، ولأنه ما أعار دنياه طرف آخرته.. باع نفسا تموت غدا بنفس لا تموت.
(3) هناك تداخل حتى الذوبان