هبيني كربلاء أرح رأس الحسين على يدي.. أنا لست من أنزل الحسين في العراء من غير ماء وغير حصن.. ولست من شك سيفه بين منكب الحسين وعنقه.. ولست يا كربلاء من قطع الكتف اليسرى.. أنا لست الأبرص بن ذي الجوشن أحز بالسيف في عنق الحسين.. ولست من أوطأ الجياد عظام صدره.. ولست عبيد الله بن زياد أضرب ثناياه بعصا الملك.. ولست جند عمر بن سعد أطوف بالرأس وهي على الرمح في مسالك الكوفة..
ولست يزيد بن معاوية أنكت بقضيب العرش في شفتي الحسين اللتين قبلتهما شفتا الرسول الكريم.. حتى ارتوتا من عبير ريحانة الجنة.
هبيني كربلاء.. أرح رأس الحسين على يدي.
هبيني سراويله اليمانية التي مزقها كي لا يقتسمها من بعده القتلة..
هبيني جبة الخز والعمامة، وورق النيل الذي اختضبت به تقاسيم الحسين.
ويا لعطش عبد الله الرضيع.. وقد مري الهجير عرقه وهدلت رباعية أطرافه.. وتقطرت هنانة خاصرتيه، ورنقت عيناه، وومح جلده، وتخ نفسه وبح صوته، ودير به مغشيا عليه، فرفعه الحسين بين يديه وخاطب الواقفين دون ماء الفرات، يا أهل الفرات... يا أهل الكوفة.. خافوا الله واسقوا هذا الطفل، إذا كنت أنا في اعتباركم أستوجب الموت، فما ذنب هذا الطفل الصغير؟! يا قوم، خافوا الله واذكروا عذاب يوم أليم.
أراك لا تنسين يا كربلاء كيف صاح به أحد الجند، خذ.. اسقه، وأوتر القوس ورمى الطفل بسهم اختلجت عليه أحشاؤه!
فهبيني كربلاء أرح رأس طفل الحسين على يدي.