قرب صيدا، عرضا حسينيا من نوع فريد، متحضرا وليس متخلفا كما يزعم بعضهم، يبيض وجه الشيعة والسنة، ولا يسودها كما يزعم بعضهم، يبعث في الإنسان أروع المعاني الروحية، ومعاني النبل والشهامة والشجاعة..
ترى فيه مشاهد من يوم كربلاء ممثلة على الطبيعة في ساحة المدينة، لو أردنا وصفها لطال المقام.. وترى موكبا من الشباب لابسين أكفانهم، حاملين سيوفهم.. وقد جرحوا رؤوسهم فسالت دماؤهم على وجوههم المنيرة، وأكفانهم المباركة.. يسيرون بنخوة إسلامية، وحزن عميق.. هاتفين وا حسيناه.. وا حسيناه.. معلنين أنهم أنصار للإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحاضرون لفدائه بأرواحهم.. مرددين اسم علي بن أبي طالب بطل الإسلام عليه السلام شعارا لهم.. هاتفين: حيدر.. حيدر... موظفين كل ذلك باتجاه العدو المتغطرس، يعلنون بين مدة وأخرى شعارا مباركا تتجاوب معهم عشرات الألوف من الجماهير: وا حسيناه.. وا حسيناه.. مذكرين اليهود بمعركة ساحة النبطية في يوم عاشوراء، يوم كانت إسرائيل تحتل لبنان، وكان شبابه عزلا من السلاح، وحشدت إسرائيل قواتها ليوم عاشوراء في النبطية، وكثفت دباباتها.. فجاءت مسيرة أصحاب الأكفان المتطبرين.. ليس معهم إلا أكفانهم وسيوفهم.. حتى إذا وصلوا إلى قرب تجمع الدبابات الإسرائيلية، تقدم رئيسهم هاتفا: حيدر.. حيدر.. بنبرات عسكرية متتالية، معلنا تحدي شيعة الحسين لجنود اليهود وآلياتهم، فانذعر اليهود كما انذعروا من هجوم علي في خيبر، وفتحوا النار على الناس وفي الهواء، وهم يفرون أمام المتطبرين! وآلياتهم تصدم بعضها والحيطان، وبعضها تركوها فوقعت في قبضة الحسينيين!! وظل ذلك اليوم الأحمر الحسيني