معاوية بن أبي سفيان: المهدي كاتب الوحي:
إن من المسلم به أن معاوية بن أبي سفيان كان من كبار الصحابة، وكان كاتب الوحي الذي قال عنه النبي: اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به. وأخرج مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن أبا سفيان طلب من النبي ثلاثة مطالب، فقال للنبي: يا نبي الله ثلاث أعطيتهن؟ قال: نعم. منها، قال: معاوية، تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم.. وعندما ولي معاوية الشام كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات، وكانت رعيته تحبه ويحبهم. قال قبيصة بن جابر: ما رأيت أحدا أعظم حلما، ولا أكثر سؤددا، ولا أبعد أناة، ولا ألين مخرجا، ولا أرحب باعا بالمعروف، من معاوية.
وقال بعضهم: أسمع رجل معاوية كلاما سيئا شديدا، فقيل له لو سطوت عليه؟ فقال: إني لأستحي من الله أن يضيق حلمي عن ذنب أحد رعيتي. وفي رواية قال له رجل: يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟ فقال: إني لأستحي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي! لذلك استجابوا له عندما أراد المطالبة بدم عثمان وبايعوه على ذلك، ووثقوا له أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم، أو يدركوا بثأره، أو ينفي الله أرواحهم قبل ذلك.
ومعاوية ما أراد الحكم ولا اعترض على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل طالب بتسليمه قتلة عثمان ثم يدخل في طاعته بعد ذلك. فقد أورد الذهبي في السير عن يعلى بن عبيد عن أبيه قال: جاء أبو مسلم الخولاني وناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟
فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدم