الصحابة. وكان علي من الأبطال المغاوير والفرسان المعدودين، ومن أفصح العرب وأخطبهم، وأتقى الناس وأورعهم، ولكنه لم يكن موفقا في الخلافة، لأنه لم يعرف أن يداهن في سياسته. وكانت عائشة زوج النبي تؤلب على عثمان وتطعن فيه رغبة منها في طلحة، فلما بويع علي ولم يبايع الناس طلحة صرخت: وا عثماناه ما قتله إلا علي. وعلم بالأمر طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وكانا بايعا عليا، فرجعا عن مبايعتهما وانضما إلى عائشة يناصبان معها ابن أبي طالب العداء.
ولم يكن معاوية يومئذ يطمع في الخلافة، ولكنه توقع العزل عن ولاية دمشق فآلمه الخطب، فجاهر بعداء علي وألف حزب العثمانية من أقرباء عثمان للمطالبة بدم الخليفة الشهيد أو المظلوم.
وذهب بنو أمية وعائشة ومحازبوهم إلى البصرة، فنتفوا لحية ابن حنيف أميرها، فجاء المدينة وقال لعلي: بعثتني ذا لحية وقد جئتك أمرد. قال: أصبت أجرا وخيرا.
ورأى علي أن الفتنة قائمة ولا بد من إخمادها، فسار إلى البصرة بسبعة آلاف مقاتل، فالتقاه حزب عائشة وطلحة والزبير في جيش كبير، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكانت عائشة على جمل تحرض الرجال على الإقدام، فرمي هودجها وهو كالقنفذ لما علق به من النبال، بعد أن قطع على خطام الجمل سبعون يدا. ولكنها لم تصب بأذى، وأرجعها علي إلى المدينة مكرمة. وانتهت الواقعة بانتصار علي، وقتل الزبير، وجرح طلحة جرحا لم يلبث أن مات به. وسميت هذه الحرب واقعة الجمل إشارة إلى جمل عائشة.
ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب " جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب " (ق 69 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: