شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٣٠٦

ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجبنه أصحابه ويجبنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين اللواء غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليا، وهو أرمد في عينيه وأعطاه اللواء ونهض معه من الناس من نهض، فلقي أهل خيبر، فإذا مرحب يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث أقبلت تلهب فاختلف هو وعلي ضربتين فضربه علي على هامته، حتى عض السيف منها بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتام آخر الناس مع علي رضي الله عنه حتى فتح الله له ولهم.
وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي رضي الله عنه بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ. فلقد رأيتني في نفر، سبعة إناثا منهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير بن العوام في أثر المرأة التي أعطاها حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش، وذلك لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة، فخرجا وأدركاها بالحليفة فاستزلاها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي بن أبي طالب: إني أحلف ما كذب رسول الله ولا كذبنا ولتخرجن إلي هذا الكتاب أو لنكشف، فلما رأت الجد منه، قالت: أعرض عني، فأعرض عنها. فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منه، فدفعته إليه فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلي رضي الله عنه هو الذي قتل الحويرث بن نقيد الذي أهدر دمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان ينشد الهجاء فيه ويكثر أذاه وهو بمكة، وكان قد شارك هبار بن الأسود في نخس جمل زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجرت من مكة.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة نهى عن سفك الدماء وكان قد بعث خالد بن الوليد وأمره بأن يسير بأسفل تهامة داعيا ولم يبعثه مقاتلا فوطئ بني جذيمة فأصاب منهم، وقيل: إنهم لما وضعوا السلام أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرأ بك مما صنع خالد بن الوليد.
نذكر هذه الحادثة لأن عليا رضي الله عنه كان له شأن فيها، فقد دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يا علي أخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك. فخرج حتى جاءهم ومعه مال قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فودى لهم الدماء وما أصيب من الأموال حتى أنه ليدي ميلفة الكلب أي أنه دفع تعويضا عن كل ما أصابهم حتى إذا لم يبق شئ من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال. فقال لهم علي رضي الله عنه حين فرغ منهم: هل بقي لكم دم أو مال لم يود إليكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعيم ولا تعلمون، ففعل، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال: أصبت وأحسنت.
وكان علي رضي الله عنه ممن ثبت مع رسول الله في غزوة حنين حين انهزم المسلمون كما ثبت في غزوة أحد، وفي غزوة تبوك خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم. فأرجف المنافقون بعلي وقالوا: ما خلفه إلا استثقالا له وتخففا منه. فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجرف موضع على ثلاثة أميال من المدينة فقال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك لما خلفتني أنك استثقلتني وتخففت مني. فقال: كذبوا ولكني إنما خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي. فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره.
وفي السنة التاسعة من الهجرة في شهر ربيع الآخر وجه رسول الله عليا رضي الله عنه في سرية إلى الفلس صنم طئ ليهدمه في مئة وخمسين رجلا من الأنصار على مئة بعير وخمسين فرسا، ومعه راية سوداء ولواء أبيض فشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر فهدموا الفلس وخربوه وملئوا أيديهم من السبي والنعم والشاء والفضة.
وفي السنة التاسعة من الهجرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يحج بالناس، فخرج من المدينة في ثلاثمئة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره عليا فأدركه بالعرج (عقبة بين مكة والمدينة على جادة الحاج) وأذن علي رضي الله عنه ببراءة وقال: لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فله عهده إلى مدته، وأن هذه أيام أكل وشرب، وأن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما.
وفي سنة عشر الموافق 631 - 632 م وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب سرية إلى اليمن في رمضان.
عن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام فكنت فيمن سار معه، فأقام عليه ستة أشهر لا يجيبونه إلى شئ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالد ومن معه فإن أراد أحد ممن كان مع خالد بن الوليد أن يعقب معه تركه. قال البراء:
فكنت فيمن عقب معه، فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر فصلى بنا علي الفجر فلما فرغ صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان كلها في يوم واحد. وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ كتابه خر ساجدا، ثم جلس فقال:
السلام على همدان، ثم تتابع أهل اليمن على الإسلام، ثم أقبل علي ليلقى رسول الله بمكة واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 305 306 306 306 306 306 306 306 306 332 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 3
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 32
3 مولد علي عليه السلام 33
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 41
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 50
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 57
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 57
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 58
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 58
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 68
11 جوابه عليه السلام لليهود 69
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 70
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 77
14 علمه عليه السلام بالجفر 87
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 93
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 101
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 101
18 حديث جابر وأنس بن مالك 102
19 حديث عبد الله بن مسعود 103
20 قول عمر علي أقضانا 106
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 120
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 125
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 129
24 من أقضيته عليه السلام 131
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 173
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 173
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 174
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 175
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 189
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 212
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 250
32 زهد علي عليه السلام وعدله 255
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 288
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 289
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 296
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 297
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 297
38 صدقات علي عليه السلام 301
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 305
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 338
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 339
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 341
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 344
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 351
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 357
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 363
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 374
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 396
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 399
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 399
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 403
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 405
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 412
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 414
55 قصة حرب الجمل 417
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 513
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 520
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 523
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 523
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 536
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 537
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 582
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 595
64 حديث أنس بن مالك 595
65 حديث أبى رافع 596
66 حديث جابر بن سمرة 597
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 603
68 حديث محمد بن الحنفية 603
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 604
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 606
71 حديث زيد بن وهب 609
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 610
73 حديث أبى الطفيل 611
74 حديث نبل بنت بدر 613
75 حديث سالم بن أبى الجعد 614
76 حديث عبيدة وأم جعفر 615
77 حديث عثمان بن مغيرة 616
78 حديث كثير وروح بن أمية 617
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 618
80 حديث عبد الله بن سبع 619
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 620
82 حديث والد خالد أبي حفص 620
83 ما روى جماعة مرسلا 621
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 624
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 643
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 644
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 653
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 662
89 محل دفن جثمانه الشريف 667
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 673
91 قتل ابن ملجم اللعين 673
92 أزواجه عليه السلام 674
93 أولاده الأشراف السادة 678
94 بعض مراثيه عليه السلام 686