ومنهم العلامة أبو الحسن بن محمد الخزرجي المتوفى سنة 789 في " تخريج الدلالات السمعية " (ص 574) قال:
في " الكامل " للمبرد: قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالب وأنا أقوم بالضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة فقال: هل عندك من طعام؟ فقلت: طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخه، فقال: علي به، فقام إلى الربيع فغسل يده، ثم أصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع، فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما، ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى أختها، وشرب حسا من الربيع، ثم قال:
يا أبا نيزر إن الأكف أنظف الآنية، ثم مسح كفيه على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله ثم أخذ المعول وانحدر في العين، وجعل يضرب، وأبطأ عليه الماء، فخرج وقد تنضح جبينه عرقا، فانتكث العرق عن جبينه، ثم أخذ المعول، وعاد إلى العين، فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم، فانثالت كأنها عنق جزور، فخرج مسرعا فقال: أشهد الله أنها صدقة، علي بدواة وصحيفة، فعجلت بهما إليه فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين، تصدق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي نيزر، والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي الله بها وجهه حر النار يوم القيامة، ولا تباعا ولا تورثا حتى يرثها الله وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين، فهما طلق لهما، ليس لأحد غيرهما فركب الحسين دين فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مائتي ألف دينار، فأبى أن يبيع، وقال:
إنما تصدق بهما أبي ليقي الله وجهه حر النار (1).