شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٣٠٣
ومنهم العلامة أبو الحسن بن محمد الخزرجي المتوفى سنة 789 في " تخريج الدلالات السمعية " (ص 574) قال:
في " الكامل " للمبرد: قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالب وأنا أقوم بالضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة فقال: هل عندك من طعام؟ فقلت: طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخه، فقال: علي به، فقام إلى الربيع فغسل يده، ثم أصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع، فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما، ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى أختها، وشرب حسا من الربيع، ثم قال:
يا أبا نيزر إن الأكف أنظف الآنية، ثم مسح كفيه على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله ثم أخذ المعول وانحدر في العين، وجعل يضرب، وأبطأ عليه الماء، فخرج وقد تنضح جبينه عرقا، فانتكث العرق عن جبينه، ثم أخذ المعول، وعاد إلى العين، فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم، فانثالت كأنها عنق جزور، فخرج مسرعا فقال: أشهد الله أنها صدقة، علي بدواة وصحيفة، فعجلت بهما إليه فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين، تصدق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي نيزر، والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي الله بها وجهه حر النار يوم القيامة، ولا تباعا ولا تورثا حتى يرثها الله وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين، فهما طلق لهما، ليس لأحد غيرهما فركب الحسين دين فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مائتي ألف دينار، فأبى أن يبيع، وقال:
إنما تصدق بهما أبي ليقي الله وجهه حر النار (1).

(1) قال علامة المسالك والممالك والسير الشيخ شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي المتوفى سنة 626 في كتابه " معجم البلدان " (ج 4 ص 175):
عين أبي نيزر كنية رجل يأتي ذكره - إلى أن قال:
وروى يونس، عن محمد بن إسحاق بن يسار أن أبا نيزر الذي تنسب إليه العين هو مولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان ابنا للنجاشي ملك الحبشة الذي هاجر إليه المسلمون لصلبه وأن عليا وجده عند تاجر بمكة فاشتراه منه وأعتقه مكافأة بما صنع أبوه مع المسلمين حين هاجروا إليه، وذكروا أن الحبشة مرج عليها أمرها بعد موت النجاشي وأنهم أرسلوا وفدا منهم إلى أبي نيزر وهو مع علي ليملكوه عليهم ويتوجوه ولا يختلفوا عليه، فأبى وقال: ما كنت لأطلب الملك بعد أن من الله علي بالإسلام، قال: وكان أبو نيزر من أطول الناس قامة وأحسنهم وجها، قال: ولم يكن لونه كألوان الحبشة ولكنه إذا رأيته قلت هذا رجل عربي، قال المبرد: رووا أن عليا رضي الله عنه لما أوصى إلى الحسن في وقف أمواله وأن يجعل فيها ثلاثة من مواليه وقف فيها عين أبي نيزر والبغيبغة، فهذا غلط لأن وقفه هذين الموضعين كان لسنتين من خلافته.
حدثنا أو محلم محمد بن هشام في إسناده قال: كان أو نيزر من أبناء بعض الملوك الأعاجم، قال: وصح عندي بعد أنه من ولد النجاشي فرغب في الإسلام صغيرا فأتى رسول صلى الله عليه وسلم وكان معه في بيوته، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم صار مع فاطمة وولدها رضي الله عنهم. قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنا أقوم بالضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة فقال: هل عندك من طعام؟
فقلت: طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخة، فقال:
علي به، فقام إلى الربيع وهو جدول فغسل يديه ثم أصاب من ذلك شيئا ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما، ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى أختها وشرب منهما حسي من الربيع ثم قال: يا أبا نيزر إن الأكف أنظف الآنية، ثم مسح ندي ذلك الماء على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله، ثم أخذ المعول وانحدر فجعل يضرب وأبطأ عليه الماء فخرج وقد تنضح جبينه عرقا فانتكف العرق من جبينه ثم أخذ المعول وعاد إلى العين فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم فانثالت كأنها عنق جزور فخرج مسرعا وقال: أشهد الله أنها صدقة، علي بدواة وصحيفة، قال: فعجلت بهما إليه فكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين، تصدق بالضيعتين بعين أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي بهما وجهه حر النار يوم القيامة لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين فهما طلق لهما وليس لأحد غيرهما.
قال أبو محلم محمد بن هشام: فركب الحسين دين فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مأتي ألف دينار فأبى أن يبيع وقال: إنما تصدق بهما أبي ليقي الله وجهه حر النار ولست بائعهما بشئ. وقد ذكرت هذه القصة في البغيبغة وهو كاف ولا يكتب ههنا.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 305 306 306 306 306 ... » »»
الفهرست