عليه الرجل قصته وأنه طلق امرأته تطليقة في الشرك وتطليقتين في الإسلام. فقال له كرم الله وجهه: لقد هدم الإسلام ما كان قبله، والمرأة عندك على واحدة.
ومن أقضيته كرم الله وجهه ما رواه الثقة عن الإمام الباقر قال: كان لرجل على عهد علي جاريتان فولدتا جميعا إحداهما ولدا ذكر، والأخرى بنتا. فعمدت صاحبة البنت فوضعت بنتها في المهد الذي فيه الولد الذكر ثم أخذته لنفسها، ثم تنازعتا الولد الذكر فكل واحدة منهما تدعيه لنفسها، فتحاكما إلى أمير المؤمنين كرم الله وجهه، فأمر أن يوزن لبنهما قائلا: أيتهما كان لبنها أثقل فالولد الذكر لها.
على أن لهذه القضية وجها آخر خلاصته ما يذكره شريح القاضي فيقول: كنت أقضى لعمر بن الخطاب، فأتاني يوما رجل فقال لي: يا أبا أمية إن رجلا أودعني امرأتين إحداهما حرة مهيرة، والأخرى سرية، فجعلتهما في دار وأصبحت اليوم فإذا هما قد ولدتا غلاما وجارية، وكلتاهما تدعي الغلام لنفسها وتنفى من الجارية، وقد جئتك أيها القاضي أطلب قضاءك بينهما. يقول شريح: فلم يحضرني شئ فيهما أقضي به، فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقصصت عليه القصة. فقال: فما الذي قضيت بينهما؟ قلت: لو كان عندي قضاء فيهما ما أتيتك. فجمع عمر جميع من حضره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمرني أن أقص عليهم ما جئت به. وجعل عمر يشاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم يرد الرأي إلى وإليه فقال عمر: لكني أعرف مفزغ القضية ومنتزعها. قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب. قال نعم، وأين المذهب عنه؟ قالوا: فابعث إليه يأتيك. قال: إن له شمخة من هاشم، وأثرة من علم تقتضينا أن نسعى إليه ولا. تأذن له أن يسعى هو إلينا، فقوموا بنا إليه. فلما جئناه وجدناه في حائط له يركل فيه على مسحاة ويقرأ قول الله تعالى (أيحسب الانسان أن يترك سدى). ثم يبكي بكاء شديدا، ولم يجد القوم بدا من أن يجهلوه حتى تسكن نفسه ويرفأ دمعه. ثم استأذنوا عليه فخرج إليهم وعليه قميص قدت أكمامه إلى النصف منها، ثم قال كرم الله وجهه: ما الذي جاء بك يا