رجل إلى أمير المؤمنين بطنه فقال له: سل امرأتك درهما من صداقها فاشتر به عسلا ثم اشربه بماء السماء، فإن الله يشفيك إن شاء الله. ففعل الرجل ما أمره به علي كرم الله وجهه فبرئ وزالت عنه شكواه. ولم يكن لجلسائه بد من أن يسألوه عن سر هذه الفتوى كما عودهم ذلك وحرضهم عليه ثم رضيه منهم، فقام إليه أحدهم فقال: ما سر ذلك يا أمير المؤمنين؟ أهو سر سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجابه كرم الله وجهه قائلا: لا لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني سمعت الله تعالى يقول في كتابه العزيز: (وآتوا النساء صدقاتهن نحله فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) وكذلك قول الله تعالى: (ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد).
ومن أقضيته كرم الله وجهه ما يأثره الثقات عن الإمام جعفر الصادق قال: إن رجلا أتى بامرأة إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين هذه امرأتي، وهي كما ترى سوداء وأنا أسود، وقد ولدت لي غلاما أبيض. فالتفت أمير المؤمنين عمر إلى الحاضرين في مجلسه قائلا لهم: ما ترون؟ قالوا: نرى أن ترجمها. فأمر عمر بأن ترجم، وفيما هي في الطريق إلى الحفرة أقبل الإمام، ثم سأل فحدثوه بما قال الأسود وبما أمر به أمير المؤمنين. فقال الإمام للأسود: أتتهم امرأتك؟ قال الرجل: لا. فمضى الإمام يسأل حتى قال: هل أتيتها وهي طامث؟ قال الرجل لقد قالت لي في ليلة: إني طامث، فظننت أنها تتقي البرد فوقعت عليها. فتوجه الإمام للمرأة بالسؤال: هل أتاك وأنت طامث؟ قالت الزوجة: نعم، واسأله إنني قد خرجت عليه وأبيت أن أطاوعه. قال الإمام: انطلقا والمولود ابنكما، وإنما غلب الدم النطفة.
ومن أقضية الإمام كرم الله وجهه ما ذكره شيخ الإسلام ابن القيم عن الشعبي رخمه الله، من أن ثلاث جوار اجتمعن فركبت إحداهن على عنق الأخرى، فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة فوقصت أي كسرت عنقها فماتت، فلما رفع ذلك إلى علي رضي الله عنه قضى بالدية أثلاثا على عواقلهن، وألغى الثلث الذي يقابل فعل