وصيتكم جميع من حضر وصية ربكم، وذكرتكم سنة نبيكم، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم، وخشية تذري دموعكم، وتقية تنجيكم، قبل يوم يذهلكم ويبليكم. يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته، وخف وزن سيئته، ولتكن مسألتكم مسألة ذل وخضوع، وشكر وخشوع، وتوبة ونزوع، وندم ورجوع. وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه، وشيبته قبل هرمه وكبره، وفرغته قبل شغله، وغنيته قبل فقره، وحضره قبل سفره.
ثم قرأ كرم الله وجهه: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) القصص: 83.
ومن أقضيته كرم الله وجهه أنه جئ إليه بالنجاشي الشاعر وقد شرب الخمر في شهر رمضان، فضربه الإمام ثمانين جلدة ثم حبسه ليلا. ثم دعا به إلى الغد فضربه عشرين سوطا، فقال له: ما هذا الذي صنعت بي يا أمير المؤمنين، ضربتني ثمانين في شرب الخمر، فما هذه العشرون؟ فقال: شربت الخمر فجلدناك ثمانين، ثم دعونا بك فضربناك عشرين لجرأتك على الشرب في شهر رمضان.
ومن أقضيته كرم الله وجهه أن صبيانا في زمنه كانوا يلعبون، فرمى أحدهم فدق رباعية صاحب من أصحابه، فرفع ذلك إليه فدعا بالرامي فأقام البينة بأنه قال قبل أن يرمى: ضرار. فدرأ الإمام عنه القصاص قائلا: لقد أعذر من أنذر.
ومن أقضيته كرم الله وجهه أنه لم يجعل على المستحاضة حدا حتى ينقطع عنها دمها، وكذلك لم يجعل على الحائض حتى تطهر ومثلها النفساء، وكذلك لم يجعل على الحامل حدا حتى تضع حملها.
ومن أقضيته كرم الله وجهه أن سئل عن حمل غذي بلبن خنزيرة، فقال: قيدوه ثم اعلفوه الكسب والنوى والخبز إن كان قد استغنى عن اللبن، وإن لم يكن قد استغنى فأمكنوا من ضرع شاة سبعة أيام.
ومن أجوبته كرم الله وجهه عن أسئلة تجرى في طريق القضاء، أن سائلا سأله