شريح؟ قلت: أمر عرض جئنا نسأل عنه. فأمرني فقصصت عليه القصة فقال: فبم حكمت فيهما؟ قلت: لم يحضرني حكم فيهما. فأخذ بيده من الأرض شيئا ثم قال:
الحكم فيها أهون من هذا. ثم أمر بإحضار المرأتين وأحضر قدحا ثم دفعه إلى إحداهما قائلا لها احلبي فيه. فامتثلت المرأة فحلبت ثم وزنه، ثم قال للأخرى احلبي أنت أيضا في قدح أخرى ثم وزنه أيضا. ثم قال لصاحبة اللبن الخفيف: خذي ابنتك. وقال لصاحبة اللبن الثقيل: خذي ابنك.
ثم التفت كرم الله وجهه إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قائلا: أما علمت أن الله تعالى حط المرأة عن الرجل في ميراثها، فكذلك كان لبنها دون لبنه. فقال عمر:
لقد أرادك الحق يا أبا الحسن ولكن قومك أبوا. فقال الإمام: خفض عليك أبا حفص (إن يوم الفصل كان ميقاتا).
ولم يدع أهل العلم هذا القضاء دون تعليق حتى قال ثقة فاضل: إن جعفرا الصادق رضي الله عنه كان يقول: لبن أحد الثديين طعام، ولبن الثدي الآخر شراب. فعلى الأم أن ترضع ولدها من ثدييها كليهما فذلك أصح لجسده وأحكم لقوته.
ومن أقضيته كرم الله وجهه ما يرويه الثقات عن الصادق أيضا قال: جئ إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بامرأة تزوجت شيخا كبيرا، فلما كانت ليلة دخوله بها مات على بطنها، ثم وضعت المرأة ولدا فادعى بنوه أنها فجرت وتشاهدوا عليها، فأمر بها عمر أن ترجم. فمر بها علي كرم الله وجهه فاستغاثت به قائلة: يا ابن عم رسول الله، إن لي حجة على الذين تظاهروا علي. فقال لها: هاتي حجتك. فدفعت إليه كتابا فقرأه فقال: هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوجها وبما يكون بين الرجل والمرأة في ذلك اليوم. فردوا المرأة عن الحفرة. فلما كان من الغد دعا بصبيان أتراب في سن واحدة، ثم دعا بالصبي معهم وأمرهم أن يلعبوا، حتى إذا ألهاهم اللعب قال لهم:
اجلسوا. حتى إذا تمكنوا في مجالسهم صاح بهم أن يقوموا: فقام الصبيان وقام الغلام، غير أن الغلام اتكأ على راحتيه في أثناء قيامه، فدعا به الإمام وورثه من أبيه