مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل بدء ومختوم به الكلم إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم لا يستطيع جواد بعد جودهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة، وبلغ ذلك زين العابدين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به. فردها الفرزدق وقال: يا ابن بنت رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وما كنت لأخذ عليه شيئا. فقال: شكر الله تعالى لك ذلك غير أنا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه. فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس، فبعث إليه هشام وأخرجه من السجن ببركة الإمام زين العابدين.
ومنهم العلامة شمس الدين الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (ج 4 ص 398 ط بيروت) روى ستة أبيات من القصيدة ثم قال: وهي قصيدة طويلة. قال: فأمر هشام بحبس الفرزدق فحبس بعسفان، وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر أبا فراس. فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضبا لله ولرسوله. فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك فقبلها وقال في هشام:
أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينين حولاوين باد عيوبها