وقد اتسع الجدال والنقاش حول الخلافة على مر الزمن، ثم تطور إلى التراشق بالاتهامات وخبث الكلمات، ولعبت السلطة الحاكمة دورها في التمزيق والتفتيت، كما هو شأنها في كل جيل.. وحاول المصلحون من الفريقين أن يجمعوا ويوحدوا حرصا على مصلحة الأمة، فخفت الوطأة إلى حد، بخاصة بعد أن تكررت النكبات والعثرات في كل بلد مسلم..
والآن، وبعد أن تراكمت الهزائم والمشكلات عربيا وإسلاميا فماذا نحن صانعون إذا لم ندفن الماضي، وننظر إلى المستقبل الطويل العسير، ونواجه بالعمل الجدي الموحد!؟... وهذا ما يخافه ويخشاه العدو المشترك.. فأطلق بلسان أبواقه وعملائه صيحات منكرة لإيقاظ الفتنة وكتبوا مقالات مضللة، ونشروا كتبا متخمة بالدس والافتراء لا بأي دافع إلا صالح الاستعمار والصهيونية.. فدعاني هذا إلى أن أعرض عقيدة الشيعة، وبخاصة الفرقة الكبرى الاثني عشرية، أعرضها على حقيقتها، وأدرسها دراسة تفصيلية في ثلاثة مؤلفات هي: (الشيعة والتشيع) و (مع الشيعة الإمامية) و (الاثنا عشرية) وكان لها، ولما كتبه غيري في هذا الموضوع من علمائنا - أحسن الأثر، بالخصوص عند مشايخ الأزهر، وفتوى المرحوم الشيخ محمود بجواز التعبد والأخذ بالمذهب الجعفري - أشهر من أن تذكر..
لقد أقبل القراء على كتاب مع الشيعة الإمامية، وأعيد طبعه بعد خمسة أشهر من الطبعة الأولى، كما أقبلوا على كتاب الشيعة والتشيع والاثني عشرية. ونفذت كل النسخ، ولما كثر الطلب على هذه الكتب الثلاثة رغبت إلى صديقي الكريم الأستاذ محمد المعلم صاحب (دار الشروق) بأن ينشرها في مجلد واحد بعنوان (الشيعة في الميزان) فاستجاب وتبنى المشروع، لأنه يتناول عرضا شاملا لعقيدة تكاد تكون مجهولة للكثير من الخاصة فضلا عن العامة، ونزولا عند رغبة القراء ورغبتي.. فشكرا لله وله، وهو سبحانه المسؤول أن يأخذ بيده وإياي لما يحب ويرضى. والصلاة على محمد وآله معدن التقى والعروة الوثقى..