قالوا: قد علمنا ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا.
فلما سمع بناته وأخواته ذلك بكين وندبن ولطمن وارتفعت أصواتهن، فوجه إليهن أخاه العباس وابنه عليا وقال: سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن.
ولما رأى الحسين عليه السلام حرص القوم على القتال قال لأخيه العباس: إن استطعت يا أخي أن تصرفهم عنا هذه الليلة فلعلنا نصلي لربنا فإنه يعلم أني أحب الصلاة له، وتلاوة كتابه.
فسألهم العباس ذلك فتوقف ابن سعد.
فقال له ابن الحجاج: والله لو أنهم من الديلم وسألونا مثل ذلك لأجبناهم فكيف وهم آل محمد صلى الله عليه وآله، فأجابوهم إلى ذلك.
وجلس الحسين عليه السلام فخفق برأسه ثم استيقظ، فقال: يا أختاه إني رأيت الساعة جدي وأبي وأخي وهم يقولون:
يا حسين إنك رائح إلينا عن قريب، فلطمت زينب وجهها وبكت وصاحت:
واثكلاه يا جداه يا رسول الله، وا أخاه وا حسيناه، أشاهد مصرعك وأبتلي برعاية هذه المذاعير وأغمي عليها.
فقال لها الحسين عليه السلام: مهلا لا تشمت القوم.
وبات الحسين عليه السلام تلك الليلة وأصحابه ولهم دوي كدوي النحل ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد.
سمة العبيد من الخشوع عليهم لله إن ضمتهم الأسحار وإذا ترجلت الضحى شهدت لهم بيض القواضب أنهم أحرار