فجعلوه عليهم رئيسا وحاكما؟! أما واللات والعزى ليقسمن بينهم حظوظا وجدودا، وليكونن له بعد هذا اليوم شأن ونبأ عظيم).
وكان أبو طالب حاضرا، فلما سمع هذا الكلام أنشأ يقول:
إن لنا أوله وآخره في الحكم العدل لن ينكره قاتل الله أهل العناد فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين (1)، كذبوه وإنهم ليعلمونه الصادق الأمين، وأنكروا نبوته، وهم منها على يقين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم (2)، ثم لم يألوا جهدا، ولم يدخروا وسعا في إطفاء نور الله من مشكاته ويأبى الله إلا أن يتم نوره... ولو كره المشركون (3).
ظلموه وشتموه وأجلوه عن حرم الله عز وجل مسقط رأسه، ومحل أنسه، ثم لم يكتفوا بما كان منهم في مكة المعظمة من فضائع وفجائع، وأمور تستك منها المسامع، حتى غزوه وهو في دار هجرته، ومحل غربته، فكانت حروب تشيب الأطفال، وتميد بها الجبال، لكنها والحمد لله طحنتهم بكلكلها، وقرت الكلاب أشلاءهم، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا (4).
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بأبي أنت وأمي يا نبي الرحمة، كم أسديت لهذه الأمة من نعمة، وكم لك عليها من يد بيضاء تستوجب الشكر والثناء.