عيناه، ثم قال:
هذا أول الغدر أين أمانكم؟ إنا لله وإنا إليه راجعون، وبكى.
فقال له عبيد الله السلمي: إن من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك.
قال: إني والله ما لنفسي بكيت، ولا لها من القتل أرثي، وإن كنت لا أحب لها طرفة عين تلفا، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إلي، أبكي للحسين وآل الحسين عليه السلام.
ثم أقبل على ابن الأشعث فقال: إنك ستعجز عن أماني، فهل عندك خير؟
تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني يبلغ الحسين - فإني لا أراه إلا قد خرج اليوم، أو هو خارج غدا بأهل بيته - فيقول له: إن ابن عقيل بعثني إليك، وهو أسير في أيدي القوم لا يرى أنه يمسي حتى يقتل، وهو يقول: إرجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك، ولا يغرك أهل الكوفة فإنهم أصحاب أبيك الذين كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، إن أهل الكوفة كذبوك، وليس لمكذوب رأي.
وأقبل ابن الأشعث بمسلم إلى باب القصر، فدخل على ابن زياد فأخبره الخبر، وقد اشتد العطش بمسلم وعلى باب القصر جماعة ينتظرون الأذن، وإذا قلة باردة على الباب. فقال:
أسقوني من هذا الماء.
فقال مسلم بن عمرو الباهلي: أتراها ما أبردها، والله لا تذوق منها قطرة أبدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم.
فقال له ابن عقيل: لأمك الثكل ما أجفاك وأفضك وأقسى قلبك، أنت يا بن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم.