والخلاصة: إن القوم بعد اعترافهم قاطبة بالمشروعية ادعوا أنها منسوخة، فزعموا تارة نسخ آية بآية وقد عرفت حاله، وأخرى نسخ آية بحديث، واستشهدوا على ذلك بما رواه البخاري ومسلم من أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عنها وعن الحمر الأهلية في فتح مكة أو فتح خيبر أو غزوة أوطاس (1).
وهنا اضطربت القضية اضطرابا غريبا، وتلونت ألوانا، وتنوعت أنواعا، وجاء الخلف والاختلاف، الواسع الأكناف، فقد حكي عن القاضي عياض: أن بعضهم قال: إن هذا مما تداوله التحريم والإباحة والنسخ مرتين (2)!
ولكن من توسع في تصفح أسفارهم، ومأثور أحاديثهم وأخبارهم، بجد القضية أوسع بكثير، ففي بعضها: أن النسخ كان في حجة الوداع [السنة] العاشرة من الهجرة (3).
وأخرى: أنه في غزوة تبوك [السنة] التاسعة من الهجرة (4).
وقيل: في غزوة أوطاس، أو غزوة حنين، وهما في [السنة] الثامنة في [شهر] شوال (5).
وقيل: يوم فتح مكة، وهو في شهر رمضان من [السنة] الثامنة أيضا (6).