الإمامة:
قد أنبأناك أن هذا هو الأصل الذي امتازت به الإمامية وافترقت عن سائر فرق المسلمين، وهو فرق جوهري أصلي، وما عداه من الفروق فرعية عرضية كالفروق التي تقع بين أئمة الاجتهاد عندهم كالحنفي والشافعي وغيرهما.
وعرفت أن مرادهم بالإمامة: كونها منصبا إلهيا يختاره الله بسابق علمه بعباده، كما يختار النبي، ويأمر النبي بأن يدل الأمة عليه، ويأمرهم باتباعه.
ويعتقدون: أن الله سبحانه أمر نبيه بأن ينص على علي عليه السلام وينصبه علما للناس من بعده، وكان النبي يعلم أن ذلك سوف يثقل على الناس، وقد يحملونه على المحاباة والمحبة لابن عمه وصهره، ومن المعلوم أن الناس ذلك اليوم، وإلى اليوم، ليسوا في مستوى واحد من الإيمان واليقين بنزاهة النبي وعصمته عن الهوى والغرض، ولكن الله سبحانه لم يعذره في ذلك فأوحى إليه: [يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته] (1)، فلم يجد بدا من الامتثال بعد هذا الانذار الشديد، فخطب الناس عند منصرفه من حجة الوداع في غدير خم، فنادى وجلهم يسمعون: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم "؟.
فقالوا: اللهم نعم.
فقال: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه ".. إلى آخر ما قال (2).