والجهالة؟!
وما كدت أركن إلى صدق ما نقله ذلك الشاب حتى وقع في يدي في تلك الآونة كتاب الكاتب الشهير (أحمد أمين) الذي أسماه (فجر الاسلام) فسبرته حتى بلغت منه إلى ذكر (الشيعة) فوجدته يكتب عنهم كخابط عشواء (1) أو حاطب ليل، ولو أن رجلا في أقاصي الصين كتب عنهم في هذا العصر تلك الكتابة لم ينفسخ له العذر، ولم ترتفع عنه اللائمة، ولكن وقفت على قدم ثابتة من صحة ما كتبه ذلك الشاب، وقلت: إذا كان مثل هذا الرجل وهو يكتب كتابا يريد نشره في الأمة الواحدة التي جعلها الله إخوانا بنص فرقانه المجيد، واستطلاع أحوالهم، والوقوف على حقيقة أمرهم على كثب منه أيسر شئ عليه، ومع ذلك يسترسل ذلك الاسترسال، ويتقول على تلك الطائفة تلك الأقاويل، إذن فما حال السواد والرعاع من عامة المسلمين! وقد عرف كل ذي حس مسيس الحاجة، وقيام الضرورة الحافزة إلى شد عقد الوحدة، وإبرام أمراسها، وإحكام أساسها، وإنه لا حياة للمسلمين اليوم إلا بالتمسك بعروتها، والمحافظة عليها، وإلا فلا حياة عزيزة، ولا ميتة شريفة.
ولو عرف المسلمون حقيقة مذهب الشيعة، وأنصفوا أنفسهم وإخوانهم، لأماتوا روح تلك النشرات الخبيثة التي تثير الحفيظة، وتزرع الضغينة، وتكون قرة عين وأكبر سلاح للمستعمرين ولملاحدة العصر، الذين هم أعداء كل دين.