العدل:
ويراد به: الاعتقاد بأن الله سبحانه لا يظلم أحدا، ولا يفعل ما يستقبحه العقل السليم. وليس هذا في الحقيقة أصلا مستقلا، بل هو مندرج في نعوت الحق ووجوب وجوده المستلزم لجامعيته لصفات الجمال والكمال، فهو شأن من شؤون التوحيد، ولكن الأشاعرة لما خالفوا العدلية، وهم المعتزلة والإمامية، فأنكروا الحسن والقبح العقليين، وقالوا: ليس الحسن إلا ما حسنه الشرع، وليس القبح إلا ما قبحه الشرع، وأنه تعالى لو خلد المطيع في جهنم، والعاصي في الجنة، لم يكن قبيحا، لأنه يتصرف في ملكه [لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون] (1).
حتى أنهم أثبتوا وجوب معرفة الصانع، ووجوب النظر في المعجزة لمعرفة النبي من طريق السمع والشرع لا من طريق العقل، لأنه ساقط عن منصة الحكم، فوقعوا في الاستحالة والدور الواضح.
أما العدلية فقالوا: إن الحاكم في تلك النظريات هو العقل مستقلا، ولا سبيل لحكم الشرع فيها إلا تأكيدا وإرشادا، والعقل يستقل بحسن بعض الأفعال وقبح البعض الآخر، ويحكم بأن القبيح محال على الله تعالى لأنه حكيم، وفعل القبيح مناف للحكمة، وتعذيب المطيع ظلم، والظلم قبيح، وهو لا يقع منه تعالى.
وبهذا أثبتوا لله صفة العدل، وأفردوها بالذكر دون سائر الصفات إشارة إلى خلاف الأشاعرة، مع أن الأشاعرة في الحقيقة لا ينكرون كونه تعالى عادلا، غايته: أن العدل عندهم هو ما يفعله، وكل ما يفعله فهو حسن، نعم