التمحيص وحل العقدة:
وإذا أردنا أن نسير على ضوء الحقائق، ونعطي المسألة حقها من التمحيص والبحث عن سر ذلك الإرتباك وبذرته الأولى التي نمت وتأثلت لا نجد حلا لتلك العقدة إلا: أن الخليفة عمر قد اجتهد برأيه لمصلحة رآها بنظره للمسلمين في زمانه وأيامه، اقتضت أن يمنع من استعمال المتعة منعا مدنيا لا دينيا، لمصلحة زمنية، ومنفعة وقتية، ولذا تواتر النقل عنه أنه قال:
متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما (1). ولم يقل أن رسول الله صلى الله عليه وآله حرمهما أو نسخهما، بل نسب التحريم إلى نفسه، وجعل العقاب عليهما منه لا من الله سبحانه.
وحيث أن أبا حفص الحريص على نواميس الدين، الخشن على إقامة شرائع الله، أجل مقاما، وأسمى إسلاما، من أن يحرم ما أحل الله، أو يدخل في الدين ما ليس من الدين، وهو يعلم أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، والله سبحانه يقول في حق نبيه الكريم: [ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين] (2) فلا بد من أن يكون مراده المنع الزمني، والتحريم المدني، لا الديني، ولكن بعض معاصريه، ومن بعده من المحدثين البسطاء، لما غفلوا عن تلك النكتة الدقيقة، واستكبروا من ذلك الزعيم العظيم القائم على حراسة الدين أن يحزم ما