الطلاق:
لقد استجليت من كلماتنا التي مرت عليك قريبا: أن حقيقة الزواج هي عبارة عن علقة وربط خاص يحدث بين الرجل والمرأة، يصير ما هو فرد من كل منهما بلحاظ نفسه زوجا بلحاظ انضمام الآخر إليه، وارتباطه به، وملابسته معه ملابسة صيرت كلا منهما قرينا للآخر، وعدلا له، ومتكافئا معه، مثل اقتران العينين واليدين، بل السمعين والبصرين. وبعد أن كان كل منهما مباينا للآخر ومنفصلا عنه، أحدث العقد الخاص ذلك الربط، وتلك الملابسة التي لا ملابسة فوقها، ولا يعقل بل لا يمكن أن توجد عبارة تشير إلى حقيقة ذلك الربط وعميق آثاره أعلى من قوله تعالى: [هن لباس لكم وأنتم لباس لهن] (1) وهي من آيات الإعجاز والبلاغة، وفرائد القرآن ومخترعاته، ولا يتسع المقام لتعداد ما تضمنته من دقائق المعاني، وأسرار البيان، وعجيب الصنعة.
وعرفت أن من شأن ذلك الربط وطبيعته مع إرسال العقد وإطلاقه أن يبقى ويدوم إلى الموت، بل وما بعد الموت، إلا أن يحصل له رافع يرفعه، وعامل يزيله، ولما كانت الحاجة والضرورة، والظروف والأحوال قد تستوجب حل ذلك الربط، وفك تلك العقدة، ويكون من صالح الطرفين أو أحدهما ذلك، لذلك جعل الشارع الحكيم أسبابا رافعة، وعوامل قاطعة، تقطع ذلك الحبل، وتفصل ذلك الوصل.
فإن كانت النفرة والكراهة من الزوج، فالطلاق بيده، وإن كانت من الزوجة فالخلع بيدها، وإن كان منهما فالمباراة بيدهما. ولكل واحد منها