يوم المسلمين منك بواحد، ولا بغيك على الخلفاء بطريف ولا مستبدع (1).
قال بعض شراح نهج البلاغة في شرح قول أمير المؤمنين (عليه السلام) " فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من طعم العلقم " (2): وروى نضر بن مزاحم في كتاب صفين: أنه كان يقول: لو وجدت أربعين ذوي عزم لقاتلت.
وقال في ذيل هذا الكلام: وهو الذي عليه جمهور المحدثين من غير الشيعة، أنه امتنع من البيعة ستة أشهر حتى ماتت فاطمة، فبايع بعد ذلك طوعا. وفي صحيحي مسلم والبخاري: كانت وجوه الناس تختلف إليه وفاطمة لم تمت بعد، فلما ماتت انصرفت وجوه الناس عنه، فخرج وبايع أبا بكر.
وعلى الجملة فحال الصحابة في اختلافهم بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما جرى في سقيفة بني ساعدة، وحال علي (عليه السلام) في طلب هذا الأمر ظاهر، والعاقل إذا طرح العصبية والهوى عن نفسه، ونظر فيما نقله الناس في هذا المعنى، علم ما جرى بين الصحابة من الاختلاف والاتفاق، وهل بايع علي (عليه السلام) طوعا أو كرها؟ وهل ترك المقاومة عجزا أو اختيارا؟ ولما لم يكن غرضنا إلا تفسير كلامه، كان الاشتغال بغير ذلك تطويلا وفضولا خارجا عن المقصود، ومن رام ذلك فعليه بكتب التواريخ (3) انتهى.
أقول: ملاحظة هذا الكلام من أمير المؤمنين (عليه السلام) كافية للمنصف في الدلالة على أنه (عليه السلام) لم يبايع طوعا، وما ذكره الشارح مع ملاحظة مرتبة أمير المؤمنين (عليه السلام)