معهم حيث تابعهم وناصحهم، فثبت من هذا خلافة الخلفاء، وأنها كانت حقا صريحا، في غاية السخافة، لأن امتناع أمير المؤمنين (عليه السلام) عن البيعة وطلب الأمر لنفسه، ودعوى استحقاق نفسه وظلم السابقين أظهر من أن يمكن خفاؤه على المتتبع وظهر لك سابقا.
ومع هذا نؤكد ذلك ونقول: قال ابن أبي الحديد: حدثني يحيى بن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قطفتا بالجانب الغربي من بغداد، وأحد الشهود المعدلين بها، قال: كنت حاضرا عند الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه، وكان الفخر هذا مقدم الحنابلة ببغداد في الفقه والخلاف، ويشتغل بشئ في علم المنطق، وكان حلو العبارة، وقد رأيته أنا وحضرت عنده وسمعت كلامه، وتوفي سنة عشر وستمائة.
قال ابن عالية: ونحن عنده نتحدث إذ دخل رجل من الحنابلة، قد كان له دين على بعض أهل الكوفة، فانحدر إليه يطالبه به، واتفق أن حضرت زيارة يوم الغدير والحنبلي المذكور بالكوفة، وهذه الزيارة هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ويجتمع بمشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) من الخلائق جموع عظيمة تتجاوز حد الاحصاء.
قال ابن عالية: فجعل الشيخ الفخر يسائل ذلك الرجل ما فعلت؟ هل وصل مالك إليك؟ هل بقي منه بقية عند غريمك؟ وذلك الرجل يجاوبه، حتى قال له: يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير، وما يجري عند قبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الفضائح والأقوال الشنيعة وسب الصحابة جهارا من غير مراقبة ولا خيفة.
فقال إسماعيل، أي ذنب لهم والله ما جرأهم على ذلك، ولا فتح لهم هذا الباب إلا صاحب ذلك القبر، فقال الرجل: ومن هو صاحب القبر؟ قال: علي بن أبي طالب، قال: يا سيدي هو الذي سن لهم ذلك وعلمهم إياه وطرقهم إليه؟ قال: نعم والله،