إليه، فلم يقبل عذره، ولما أحضر عطاءه في مرضه قال له ابن مسعود: منعتني إياه إذا كان ينفعني، وجئتني به عند الموت لا أقبله، وأنه طرح أم حبيبة عليه ليزيل ما في نفسه فلم يجب، قال: وهذا يوجب ذم ابن مسعود إذ لم يقبل الندم، ويوجب براءة عثمان من هذا العيب، لو صح ما رووه من ضربه.
وقال صاحب المغني في الفصل المذكور قبل الكلام المنقول: وقيل: أن بعض موالي عثمان ضربه لما سمع منه الوقيعة في عثمان، ولو صح أنه أمر بضربه لم يكن بأن يكون طعنا في عثمان بأولى من أن يكون طعنا في ابن مسعود، لأن للإمام تأديب غيره وليس لغيره الوقيعة فيه إلا بعد البيان (1).
وقال السيد (رحمه الله): فأما قوله " أن عثمان لم يضربه وإنما ضربه بعض مواليه لما سمع وقيعته فيه " فالأمر بخلاف ذلك، وكل من قرأ الأخبار علم أن عثمان أمر بإخراجه من المسجد على أعنف الوجوه، وبأمره جرى ما جرى، ولو لم يكن بأمره ورضاه لوجب أن ينكر على مولاه كسره لضلعه، ويعتذر إلى من عاتبه على فعله بأن يقول:
إنني لم آمر بذلك ولا رضيته من فاعله، وقد أنكرت على من فعله، وفي علمنا بأن ذلك لم يكن دليل على ما قلناه.
وقد روى الواقدي بإسناده وغيره أن عثمان لما استقدمه المدينة دخلها ليلة جمعة، فلما علم عثمان بدخوله قال: أيها الناس أنه قد طرقكم الليلة دويبة من نمش (2) على طعامه يقئ ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك ولكني صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، وصاحبه يوم أحد، وصاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم حنين، قال: فصاحت عائشة: يا عثمان أتقول هذا لصاحب رسول الله فقال عثمان: اسكتي.