بل كان في جيشه " فلم يكن المسألة محل توقف، لأن دواعي الباطل وإن كانت داعية إلى إنكار كونه من الجيش إخراجا له عن هذه القباحة، كما هو دأب كثير منهم في كتمان قباحته وقباحة أخويه، لكن نقل كونه من الجيش لا داعي له إلا بيان الواقع، فهو حق قطعا، فلعل التوقف الذي نشأ من ملاحظة اختلاف نقل الناقلين بلا تأمل زال عنه في وقت آخر بما ذكرته، وبما ذكرته يظهر كفاية اختلاف التواريخ أيضا للقطع بكونه من الجيش على قانون الاستدلال بأدنى تأمل فتأمل (1).
ويدل على التخلف واللعن، ما نقل عن محمد بن عبد الكريم الأشعري الشهرستاني، في كتاب الملل والنحل، عند ذكر الاختلافات الواقعة حال مرض النبي (صلى الله عليه وآله) حيث قال: الخلاف الثاني في مرضه، أنه (صلى الله عليه وآله) قال: جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عن جيش أسامة، فقال قوم: يجب علينا امتثال أمره، وأسامة قد برز من المدينة، وقال قوم: قد اشتد مرض النبي (صلى الله عليه وآله) فلا تسع قلوبنا لمفارقته والحال هذه، فنصبر حتى ننظر أيش يكون من أمره (2) انتهى.
ويحصل بما ذكرته من البيان في كون أبي بكر من الجيش يقينا العلم اليقيني باشتمال الرواية على لعن المتخلف أيضا بأدنى تأمل.
وأما تخلف عمر، فأظهر من أن يحتاج إلى البيان، وهو كاف لعدم استحقاق الثلاثة للإمامة. أما عمر، فلتخلفه وعصيانه عن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالتخلف في أيام حياته، لتوقعه ما توقع وبعد الموت بعد الإذن عن أسامة، على ما رواه الترمذي عن أسامة: أن أبا بكر سألني في عمر أن أتركه ففعلت.