وأما الأخيران، فعلى تقدير اعتبار التعدد والإجماع في الأهل، ظهر حكمه من الأوسطين، وعلى تقدير اعتبار كل واحد وضمه مع الكتاب لا ينفع على تقدير احتمال الخطأ فيه، لعدم حصول الأمن من الخطأ بالاجتماع حينئذ، كما لا يخفى، وعلى تقدير عدم الاحتمال فالمتمسك به قد تحرس من الضلال من غير حاجة إلى ضم الكتاب، هذا خلف.
فظهر مما ذكرته من الاحتمالات أنه على تقدير عدم حجية قول كل واحد من أهل البيت لا حراسة لهما عن الضلال على وجه يظهر من الخبر، فيجب حمل الرواية على حجية قول كل واحد من أهل البيت حتى يحرس التمسك به عن الضلال.
فأهل البيت الذين يحرس التمسك بقول كل واحد عن الضلال، ليس مطلق الأقارب ولا مطلق الذرية، بل ما يدل الدليل على حراسة تبعيته عن الضلال، وإن كان الدليل يقين انتفاء الصفة عن الغير، فيدل الرواية على عصمة أهل البيت ووجوب التمسك بأقوالهم.
فإن قلت: فما تدارك الأسلوب لأن القرآن بانفراده لا يحرس عن الضلال.
قلت: الحراسة عن الضلال تحصل بأمرين: أحدهما ببيان طرق الهداية والضلال بالتفصيل، والثاني ببيان من يكون من شأنه الهداية إلى الطريقين بالتفصيل، والأول هو الثاني في الخبر، والثاني هو الأول فيه، ولعل في تقديم الثاني إشارة إلى أنه هاد إلى الأول، وإطلاق الهادي على الاطلاق على الهادي إلى الهادي شائع، ألا ترى أنه عند هداية شخص للضال عن الطريق الحسي أو العقلي إلى من يرشده إلى المقصود، يصح نسبة الهداية إلى المرشد إلى المرشد، كما يصح نسبتها إلى المرشد إلى المقصود.
فإذا عرفت هذا يظهر لك أن القرآن يحرس المتمسك به عن الضلال، لأنه بانفراده كاف لدلالته على صفة من يجب اتباعه، مثل آية الولاية المذكورة سابقا،