الإثنا عشرية - الحر العاملي - الصفحة ١٣٢
قلت: هذه شبهة ضعيفة نشأت من غير خبير بمواقع الكلام العربي وعارف بتركيبه وتحقيقه أن الإضافة في ترجيع الغناء بيانية لأن الترجيع على الوجه المخصوص هو الغناء وهو أيضا اللحن المخصوص ومد الصوت المطرب وحاصله ترجيع القرآن ترجيعا هو الغناء لا ترجيعا يشابه ترجيع الغناء، وفايدة البيان في الإضافة ظهور الغناء في غير القرآن وشهرته على إنا لو اعتبرنا التشبيه كان معناه ترجيعا مثل ترجيع الغناء المتعارف بين أكثر الناس وكونه غناء ولا يقتضي التشبيه بل إلحاق هذا الفرد الذي ربما يشتبه كونه غناء بالمعنى المتعارف وذلك لتحقق الترجيع فيهما وهذا وإن كان غير محتاج إليه إلا أنه يصلح وجها.
وفي ذكر أهل الفسوق مع الإتيان بلفظ أهل فيه وكذا في الكبائر وتركه في قوله: ترجيع الغناء من غير ذكر الأهل تنبيه على أن الإضافة بيانية وفهم هذا يدرك بالذوق السليم والاطلاع على مواقع الكلام ودقايقه.
وإذا ظهر لك ما ذكرته وتدبرته ظهر لك إن الواسطة غير معقولة وبهذا يندفع أيضا فرض واسطة بين ألحان العرب ولحون أهل الفسوق وأهل الكبائر بل في دلالة وإشارة إلى أن هذه الواسطة هم أهل الفسوق باعتبار ذكر الأهل مكررا وتوسط أهل الفسوق بين أهل الكباير وما تقدمه على أن من الغناء عند الإمامية ما يتحقق في غير ما خصه الغزالي ومتابعوه فمتابعته خروج عما دل عليه العرف وتعريف الغناء عندنا.
ولنا: إن ننفي الواسطة بوجه آخر وهو أنها لا تخلو إما أن يصدق عليها تعريف الغناء أو لا، لا سبيل إلى الثاني لاعترافهم بأن مثله غناء كما تقدم من تصريحهم بأن الغناء من أسباب الجذبة ولما مر من العرف واللغة والأصل عدم النقل.
وقوله عليه السلام لا يجوز تراقيهم: جمع ترقوه وهي معلومة والمعنى والله أعلم أنهم لاشتغالهم بالترجيع والطرب لا يتعدى التراقي فضلا عن أن يصل إلى قلوبهم ليتدبروا معانيه ويتأملوا أوامره ونواهيه ويتعظوا بمواعظه بل يكونون مشتغلين
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 2
2 الباب الأول: في ابطال النسبة وذمها 10
3 الباب الثاني: في ابطال التصوف وذمه 23
4 الباب الثالث: في ابطال اعتقاد الحلول والاتحاد 57
5 الباب الرابع: في ابطال الكشف الذي يدعونه 81
6 الباب الخامس: في ابطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عند ذلك الكشف 88
7 الباب السادس: في ابطال ما يفعلونه من الجلوس في الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة وترك اللحم 98
8 الباب السابع: في ابطال ما يجعلونه من أفضل العبادات من الفتل والسقوط على الأرض 112
9 الباب الثامن: في ابطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات أيضا من الرقص والصفق بالأيدي والصياح 116
10 الباب التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعي على الرزق وطلب المعاش والتجمل ونحوها 118
11 الباب العاشر: في تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغنا على وجه العموم والخصوص صورة كونه في القرآن والذكر 123
12 الباب الحادي عشر: في ابطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه 148
13 الباب الثاني عشر: في ابطال ما صار شعارا لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفيه اثنا عشر فصلا 151
14 الفصل الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم 158
15 الفصل الثاني: في تحريم الابتداع في الدين 160
16 الفصل الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية 163
17 الفصل الرابع: في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 183
18 الفصل الخامس: في تحريم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 185
19 الفصل السادس: في وجوب المجادلة في الدين والمناظرة لبيان الحق 187
20 الفصل السابع: في وجوب جهاد النفس وأعداء الدين 188
21 الفصل الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع والمعاصي 190
22 الفصل التاسع: في جواز لعن المبتدعين والمخالفين والبراءة منهم 193
23 الفصل العاشر: في تحريم التعصب بالباطل 196
24 الفصل الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم المختصة بهم 197
25 الفصل الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والكفر والابتداع والفسق 200