صريح في تحريم الغناء في القرآن وفي معارضة ظاهر هذا الخبر وأورد في باب الغناء ما يزيل عن سامعه كل شك وشبهة وهذا الخبر آخره إلى آخر الباب وجعل العنوان ترتيل القرآن بالصوت الحسن وهو لا يستلزم كونه غناء وكذا الخبر المذكور ليس بصريح في إباحة قسم من الغناء كما ترى فعلم أنه فهم من أحاديث الباب ما صرح به في العنوان لا ظاهر الأخير وإنما أورده للاستدلال على مطلق تحسين الصوت لا على الترجيع على ظاهره وذكره على عادتهم من إيراد الأحاديث المخالفة لما عليه العمل والمحتاجة إلى التوجيه والتأويل في أواخر الأبواب والتعرض لتأويلها إن اقتضاه الحال ولعله ترك تأويله لظهوره وعدم صراحته في المخالفة وقرب تأويلاته لو كان صريحا ولهذا نظائر في الكافي وغيره.
فصل وإذ قد عرفت عموم تحريم الغناء في جميع صوره عدا ما استثني بدليل خاص كما هو مذكور في محله بل قد عرفت تحريمه في خصوص هذه الصورة وجب تأويل الحديث المسؤول عنه وتعين صرفه عن ظاهره لعدم إمكان العمل به من غير تأويل وذلك ممكن من وجوه اثني عشر.
الأول: الحمل على التقية لأنه موافق لمذهب كثير من العامة وقد تقدم ذلك وإنه أقوى أسباب الترجيح.
الثاني: أن يكون المراد بالترجيع مجرد رفع الصوت من غير أن يصل إلى حد الغناء لأن السؤال في صدر الحديث إنما هو عن رفع الصوت وإن الشيطان يوسوس للسائل إذا رفع صوته بالقرآن بأنه يريد به الريا فأمره عليه السلام بأن لا يلتفت إلى هذا الوسواس وأن يقرأ قراءة متوسطة ويرفع صوته بالقرآن فأجاز له التوسط ورفع الصوت، فإما أن يكون الواو في ورجع بمعنى أو كما ذكروه في مواضع وذكروا له شواهد أو يكون معنى الواو الجمع بين الأمرين في الحكم بالجواز هنا أي في