والمقاصير التي في المساجد فقلت في نفسي لأي معنى هذا؟ فأقبل علي فقال:
معنى هذا أنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي ولا حجة (1).
أقول: إذا عرفت هذا ظهر عندك بطلان التصوف لاشتماله على البدع السابقة وغيرها التي لم يكن شئ منها في زمن الأئمة عليهم السلام متبعا لهم ولا لشيعتهم ولا مأمورا به منهم كما عرفت والله أعلم.
الفصل الثالث في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية وما ظهر من قبايحهم وفضايحهم اعلم أن اعتقاد هؤلاء في مشايخ المخالفين المعاندين المتعصبين وحسن ظنهم بهم وصرف أعمارهم في تتبع آثارهم وسلوك طريقتهم أحوج إلى ذكر بعض معايبهم ومثالبهم تنبيها للغافل وتذكيرا للعاقل ليحذر من اتباعهم ويتبرء منهم ومن أتباعهم.
وقد تقدم الحديث الدال على النهي عن الاغترار بهم وبأمثالهم في الباب الثاني وإذا نظرت في أحوال هذا الزمان ظهر لك كثرة الريا والتلبيس وتحققت أنه لا يجوز العمل بظاهر أحوال المظهرين للعبادة والزهادة وتقليدهم في أقوالهم وأفعالهم التي لم يتحقق موافقتها للشرع وناهيك بحال إبليس فقد روي عنه من المواعظ والنصايح والحكم المتفرقة في الأحاديث وما يزيد عما يفعله كثير من هؤلاء وقد عبد الله مع الملائكة اثني عشر ألف سنة ثم عصاه في سجدة واحدة فكفر واستحق الخلود في النار، وروي أنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف سنة (2) فكيف يجوز لعاقل أن يغتر بأحد من أعداء الدين إذا بلغة عنه موعظة أو إظهار زهد أو عبادة أو نحو ذلك فيقلده في آثاره القبيحة.
فمن جملة من اغتر به هؤلاء الصوفية الغزالي صاحب كتاب الإحياء فإنهم يعتمدون كلامه غاية الاعتماد، حتى أنهم يدعون تشيعه مع أنه أكبر المعاندين والناصبين