منهم أن يؤتي صحفا منشرة مع أنهم يقبلون قول أمثالهم من غير دليل في أمور عظيمة لا يمكن وصفها وأعجب من ذلك أن منهم من طلب مني أحاديث متعددة في تفسير الغناء يشتمل كل منهما على مقدمتين صغرى وكبرى على ترتيب الإشكال المنطقية وهل هذا إلا تعنت وهل يوجد في جميع أحكام الشرع مثل ذلك وأكثرها أو أقلها أو الضروري منها كوجوب الصلاة وتحريم الزنا وليت شعري كيف ثبت الدين في أول الأمر عند المسلمين وما رأينا ولا سمعنا أن النبي والأئمة عليهم السلام احتجوا على الناس بهذه الإشكال بعينها بل احتجاجهم عليهم السلام مأثور على غير هذا الوجه فبعض المقدمات منكور وبعضها محذوف للعلم به ومثل هذا الحكم هل يحتاج إلى أكثر من وروده عن المعصومين عليهم السلام ومعرفة تفسيره من العرب وعلماء العربية على أن ترتيب المقدمات المأخوذة من الحديث على ترتيب الإشكال المنطقية في غاية السهولة والله أعلم.
فصل قد أشرنا إلى كثرة ما روي عنهم عليهم السلام من الأحاديث في تحريم الغناء ولا تحضرني كتب الحديث لا نقل ما فيها فتعين ما فيها ذكر بعضها تيمنا وتبركا وقد تقدم جملة منها ولنقتصر منها هنا على اثني عشر حديثا:
الأول: ما رواه الكليني بإسناده الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال بيت الغناء لا تؤمن به الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا يدخله الملك (1).
الثاني: ما رواه أيضا عنه عليه السلام قال: الغناء مما وعد الله عليه النار وتلا هذه الآية (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) (2) الآية.
الثالث: ما رواه أيضا عنه عليه السلام قال: سماع اللهو والغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل (3).