الإثنا عشرية - الحر العاملي - الصفحة ١٣٥
الرابع: ما رواه أيضا عنه عليه السلام أن رجلا قال له إني أدخل كنيفا ولي جيران عندهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن فقال لا تفعل فقال الرجل والله ما آتيهن وإنما هو سماع أسمعه بأذني فقال لله أنت أما سمعت الله يقول: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) فقال: بلى والله لكأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من عربي ولا أعجمي ولا جرم إني لا أعود إن شاء الله وإني لأستغفر الله فقال له: قم فاغتسل وسل ما بدا لك فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك استغفر الله وسله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا (1) ورواه الصدوق والشيخ.
أقول: دلالة هذا الحديث الشريف على تحريم الغناء والنهي عنه وتعظيم أمره المقتضي لكونه من الكبائر والأمر بالتوبة منه والغسل والصلاة ظاهرة مع غاية التأكيد والمبالغة ومع ذلك قد استدل به بعض الصوفية على اختصاص التحريم بما كان مع مصاحبة الضرب بالعود لا مجردا والجواب ظاهر واضح فإن عدم دلالته على مطلق التحريم أو التحريم مطلقا لا يشعر بالجواز مع الانفكاك عن الضرب بالعود بل هو أعم منه على أنه غير صريح في سماع السايل لصوت العود بل يدل على سماعه صوتهن بالغناء كما يدل عليه قوله استماعا مني لهن ولا دلالة له على الاختصاص المذكور بوجه من وجوه الدلالات كما لا يخفى وإنما اتفق السؤال عن الأمرين فلا بد من الجواب بالتحريم والنهي كما ورد على أن في ذلك اعترافا منهم بتحقق الغناء في غير الصورة المذكورة وهم يمنعونه تارة ويعترفون به أخرى وهو خبط كما ترى على أنه لم يتضمن لا مصاحبه ضرب العود فيبقى ما كان معه غيره من آلات اللهو وهم لا يقولون به فأين التخصيص.
وكونه من حمل المطلق عن المقيد لا يخفى فساده وبطلانه ولولا ذكرهم لهذا لما حسن التعرض له إذ ليس فيه شبهة تستحق جوابا ولا ينبغي الزيادة على

(1) كا: ج 6 ص 432.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 2
2 الباب الأول: في ابطال النسبة وذمها 10
3 الباب الثاني: في ابطال التصوف وذمه 23
4 الباب الثالث: في ابطال اعتقاد الحلول والاتحاد 57
5 الباب الرابع: في ابطال الكشف الذي يدعونه 81
6 الباب الخامس: في ابطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عند ذلك الكشف 88
7 الباب السادس: في ابطال ما يفعلونه من الجلوس في الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة وترك اللحم 98
8 الباب السابع: في ابطال ما يجعلونه من أفضل العبادات من الفتل والسقوط على الأرض 112
9 الباب الثامن: في ابطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات أيضا من الرقص والصفق بالأيدي والصياح 116
10 الباب التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعي على الرزق وطلب المعاش والتجمل ونحوها 118
11 الباب العاشر: في تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغنا على وجه العموم والخصوص صورة كونه في القرآن والذكر 123
12 الباب الحادي عشر: في ابطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه 148
13 الباب الثاني عشر: في ابطال ما صار شعارا لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفيه اثنا عشر فصلا 151
14 الفصل الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم 158
15 الفصل الثاني: في تحريم الابتداع في الدين 160
16 الفصل الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية 163
17 الفصل الرابع: في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 183
18 الفصل الخامس: في تحريم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 185
19 الفصل السادس: في وجوب المجادلة في الدين والمناظرة لبيان الحق 187
20 الفصل السابع: في وجوب جهاد النفس وأعداء الدين 188
21 الفصل الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع والمعاصي 190
22 الفصل التاسع: في جواز لعن المبتدعين والمخالفين والبراءة منهم 193
23 الفصل العاشر: في تحريم التعصب بالباطل 196
24 الفصل الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم المختصة بهم 197
25 الفصل الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والكفر والابتداع والفسق 200