الإثنا عشرية - الحر العاملي - الصفحة ١٤٨
الباب الحادي عشر:
في إبطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه.
إعلم أن كل أمر من أمور الدنيا والدين له ثلاث مراتب إفراط وتفريط وعدل بمعنى الزيادة والنقصان والتوسط ولا شك أن الأولين مذمومان قبيحان عقلا وشرعا فهما محرمان في الأمور الدينية والأحكام الشرعية لاستلزامهما مخالفة الشرع وكذا في أمور الدنيا لأن لها أحكاما شرعية فإذا حصلت مخالفتها ثبت التحريم، والطرف الثالث أعني التوسط والعدل هو الممدوح شرعا المحمود عقلا بل هو الواجب وقد قال عليه السلام: الجاهل إما مفرط وإما مفرط (1).
وقال عليه السلام: خير الأمور أوساطها، والشواهد على ذلك كثيرة إذا عرفت ذلك فاعلم أن الصوفية قد خرجوا في جميع ما سلكوا واختصوا به إلى حد الافراط أو التفريط وفي هذا الباب قد خرجوا إلى الحدين معا فتارة يرفعون أصواتهم بالذكر حتى يتجاوز حد العلو لفرط المبالغة والغلو مع الوصول إلى حد الغناء وتارة يخفونه في أنفسهم على وجه لم يرد به شرع بل هو مخترع مبتدع فإنهم يتصورون مجرد خروج حروف لا إله إلا الله من جوانب القلب والباطن على وجه معروف عندهم مفصل بينهم، فيخرجون بعض الحروف قوة لا فعلا ونطقا من الجانب الأيمن وبعضها من الأيسر وبعضها من فوق وبعضها من تحت من غير أن ينطقوا بألسنتهم

(1) في البحار: لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا - ج 1 ص 159.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 2
2 الباب الأول: في ابطال النسبة وذمها 10
3 الباب الثاني: في ابطال التصوف وذمه 23
4 الباب الثالث: في ابطال اعتقاد الحلول والاتحاد 57
5 الباب الرابع: في ابطال الكشف الذي يدعونه 81
6 الباب الخامس: في ابطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عند ذلك الكشف 88
7 الباب السادس: في ابطال ما يفعلونه من الجلوس في الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة وترك اللحم 98
8 الباب السابع: في ابطال ما يجعلونه من أفضل العبادات من الفتل والسقوط على الأرض 112
9 الباب الثامن: في ابطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات أيضا من الرقص والصفق بالأيدي والصياح 116
10 الباب التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعي على الرزق وطلب المعاش والتجمل ونحوها 118
11 الباب العاشر: في تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغنا على وجه العموم والخصوص صورة كونه في القرآن والذكر 123
12 الباب الحادي عشر: في ابطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه 148
13 الباب الثاني عشر: في ابطال ما صار شعارا لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفيه اثنا عشر فصلا 151
14 الفصل الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم 158
15 الفصل الثاني: في تحريم الابتداع في الدين 160
16 الفصل الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية 163
17 الفصل الرابع: في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 183
18 الفصل الخامس: في تحريم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 185
19 الفصل السادس: في وجوب المجادلة في الدين والمناظرة لبيان الحق 187
20 الفصل السابع: في وجوب جهاد النفس وأعداء الدين 188
21 الفصل الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع والمعاصي 190
22 الفصل التاسع: في جواز لعن المبتدعين والمخالفين والبراءة منهم 193
23 الفصل العاشر: في تحريم التعصب بالباطل 196
24 الفصل الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم المختصة بهم 197
25 الفصل الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والكفر والابتداع والفسق 200