على تحقيق وتدقيق يتعين تلخيص المهم منه هنا قال أيده الله: هذا الحديث يدل على أن الغناء يحصل بترجيع القرآن على النحو المتعارف الآن ويدل على تفسير الغناء بالترجيع المطرب والطرب خفة تصيب الإنسان لشدة حزن أو سرور كما ذكره أهل اللغة وفيه من الذم والزجر على أبلغ وجه وأكمله ما لا يخفى على من عقله، وهل سمعت أن أحدا يقرأ القرآن لاعبا بالمثاني والعود والطنبور ونحوها حتى يخص الغناء بمثل ذلك ويسهل طريق سماع ما صار متعارفا بعدما ظهر أنه غناء لصدق الغناء عليه وهل لذلك وجه غير إجابة الشيطان واعتياد ذلك حتى خف قبحه كما هو شأن كل ما يعتاده الناس.
قال جالينوس: رؤساء الشياطين ثلاثة شوائب الطبيعة، ووساوس العامة، ونواميس العادة (انتهى).
وقد سرى ذلك من صوفية المخالفين وملاحدتهم ميلا إلى طريقتهم وكراهة لما ورد في طرقنا من النهي عنه وقد خص المحرم منهم كالغزالي وأضرابه بما يقع في مجالس الشرب والفسق مقلدة من أحسن الظن به مع استلزامه إساءة الظن بالأئمة وعلماء الشيعة فالغناء إن كان هو الترجيع الذي ذكره علماؤنا فهو صادق على مثل ذلك وإن كان راجعا إلى العرف كما قيل أيضا فإنه يستفاد كون هذا غناء من العرف في بلاد العرب.
وقد ذكر الصوفية في أسباب الجذبة التي تحصل للمريد ملازمة سماع الغناء وهو اعتراف بأن ما يفعلونه ويسمعونه غناء ومن خص المحرم منه بما تقدم يعترف بصدق الغناء على غير ما خصه ولا كلام في ذلك مع الصوفي المخالف بل مع من هو على ظاهر هذا المذهب ولا مفر له من القول بتحريم الغناء حيثما صدق عدا ما استثني لإطلاق دليله أو عمومه فإن قبلت بالعرف فقد اعترفوا به وإن رجعت إلى الترجيع فكونه كذلك بديهي.
وقد استثنى أهل شرعنا من الغناء الحداء للإبل بدليل خاص وليت شعري