وأما الثانية فبالقرآن (45) والإجماع.
لا يقال: الجهاد جهادان: جهاد باللسان وجهاد بالسنان، وأبو بكر وإن لم يجاهد ببدنه فقد جاهد بجدله ولسانه. لأنا نقول: أما الجهاد باللسان فلا يسمى جهادا عرفا ولا اصطلاحا، وإن سمي بذلك كان مجازا، واللفظ عند الإطلاق ينصرف إلى حقيقته، وبيان الحقيقة ما أشرنا إليه بالنقل والاستعمال.
أما النقل فظاهره، فإن أهل الشرع لا يعنون بالجهاد إلا هذا إلا على سبيل التشبيه والاستعارة. فأما الاستعمال فظاهر أيضا، فإن كتاب الجهاد في الشرع لا يتضمن إلا مسائل الجهاد البدني دون غيره.
ثم نقول: أوامر الشرع المطلقة الدالة على الجهاد هل أريد بها الجدال أو مجاهدة العدو بالسيف وقمعهم بيد القهر؟
ثم كيف يستجيز ذو البصيرة أن يعتذر لأبي بكر في قعوده عن الجهاد حتى إذا حضر موطنا لا يريق دما ولا يعرق فرسا (46) في سبيل الله، مع أن الله