المسلك في أصول الدين - المحقق الحلي - الصفحة ١٥٥
في التبليغ لا غير، ومنهم من عصمه مع ذلك عن الكبائر، والحق أنه معصوم عن الكل في حال النبوة وقبلها. وهل هو معصوم عن السهو أم لا؟ فيه خلاف بين أصحابنا، والأصح القول بعصمته عن ذلك كله.
لنا: لو جاز شئ من ذلك لجاز تطرقه إلى التبليغ لكن ذلك محال، ولأن (3) مع تجويز ذلك يرتفع الوثوق بخبره، فينتقض الغرض المراد بالبعثة.
وأما قبل النبوة فهو معصوم عن تعمد المعصية صغيرة كانت أو كبيرة، ويدل عليه من القرآن قوله: (لا ينال عهدي الظالمين). (3)

(3) كذا في الأصل والظاهر زيادة الواو.
(4) سورة البقرة، الآية: 124. في تفسير الميزان: وبهذا البيان [الذي ذكره في تفسير الآية] يظهر أن المراد بالظالمين في قوله تعالى: (قال: ومن ذريتي قال: لا ينال عهدي الظالمين) مطلق من صدر عنه ظلم ما، من شرك أو معصية، وإن كان في برهة من عمره ثم تاب وصلح.
وقد سئل بعض أساتذتنا - رحمة الله عليه -: عن تقريب دلالة الآية على عصمة الإمام [حتى بالنسبة إلى قبل الإمامة] فأجاب: إن الناس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام: من كان ظالما في جميع عمره، ومن لم يكن ظالما في جميع عمره، ومن هو ظالم في أول عمره دون آخره [أي إمامته]، ومن هو بالعكس [أي من هو ظالم في آخر عمره حين إمامته، دون أوله قبل إمامته] وإبراهيم - عليه السلام - أجل شأنا من أن يسأل الله الإمامة للقسم الأول والرابع من ذريته، فيبقى قسمان، وقد نفى الله أحدهما، وهو الذي يكون ظالما في أول عمره دون آخره، فبقي الآخر، وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره. انتهى كلام الميزان 1 / 277.
ويظهر من المؤلف - ره - أن العهد في الآية الكريمة يشمل عهد النبوة كما هو شامل لعهد الإمامة، فالآية بمنزلة القاعدة الكلية طبقت في المورد على الإمامة. فتأمل.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 151 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست