إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) (232).
والجواب عن ذلك: أنه لما تعارضت الآيات كان الترجيح لجانب القول الأول بوجوه:
الأول: أن الآية الأولى مفصلة ودالة على العفو عمن يشاء، أو العفو عن عقاب الكبيرة على الخصوص، والآيات الأخيرة مطلقة فتحمل على الكافر، أو على من لم يشأ الله العفو عنه، لما عرفت من وجوب تقديم العام على الخاص (233).
الثاني: أنه قد ثبت في العقول أن العفو عن العقاب حسن، وعلى تقدير تعارض الآيات يكون السمع خاليا من دلالة قطعية بارتفاع ما شهد العقل بحسنه، فيكون التجويز فيه ثابتا.
الوجه الثالث: أنه تعالى تمدح بالعفو والغفران في آيات متعددة، ولا ينصرف ذلك إلى التائب، ولا إلى صاحب الصغيرة، لأن العقاب يسقط بالتوبة، وبرجحان الثواب على العقاب سقوطا لازما عندهم، فلم يكن سقوطه مستندا إلى الله. والغفران لا يتحقق إلا بإسقاط الذنب، لو لم يكن الله مسقطا للعقاب ابتداء لما صح التمدح به.
الوجه الرابع: أجمع المسلمون على جواز أن يقول الإنسان لغيره: غفر الله لك، وعنى (234) سؤال الغفران، ولا يتحقق ذلك إلا مع إمكان وقوعه، ولا عقاب إلا على صاحب الكبيرة، إذ التائب وصاحب الصغيرة لا عقاب