و أبي عبيدة، ولم يسمع من أبي زيد شيئا، مات سنة 223.
و اختص بعلم أبي زيد من الرواة ابن نجدة، وبعلم أبي عبيدة أبو الحسن الأثرم، وكان أبو محمد سلمة بن عاصم راوية الفراء. وانتهى علم الكوفيين إلى أبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت، مات سنة 244 وأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب ولد سنة 200 ومات سنة 291 أخذ الأول عن أبي عمرو والفراء، وكان يحكي عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد من غير سماع، وقد أخذ عن ابن الأعرابي شيئا كثيرا، والثاني اعتماده على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة في النحو، وكان يروي عن ابن نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة، وعن أبي نصر كتب الأصمعي، وعن عمرو بن أبي عمرو كتب أبيه. وأما أبو طالب الفضل فأخذ عن أبيه سملة، وعن يعقوب وعن ثعلب.
فهذا جمهور ما مضى عليه أهل الكوفة.
النوع الثاني: في بيان أول من صنف في اللغة وهلم جرا.
قال السيوطي في المزهر أول من صنف في جمع اللغة الخليل بن أحمد، ألف كتابه العين المشهور. والذي حققه أبو سعيد السيرافي أنه لم يكمل، وإنما كمله الليث بن نصر. وقال النووي في تحرير التنبيه: كتاب العين المنسوب إلى الخليل إنما هو جمع الليث عن الخليل. وقد ألف أبو بكر الزبيدي كتابا سماه مختصر العين، استدرك فيه الغلط الواقع في كتاب العين، وهو مجلد لطيف وأبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم الكوفي من تلامذة ثعلب، ألف كتابه الاستدراك على العين، وهو متقدم الوفاة على الزبيدي، ثم ألف الإمام أبو غالب تمام بن غالب المعروف بابن التياني كتابه العظيم الذي سماه فتح العين، وأتى فيه بما في العين من صحيح اللغة دون الإخلال بشيء من الشواهد المختلفة، ثم زاد فيه زيادات حسنة، ويقال إن أصح ما ألف في اللغة على حروف المعجم كتاب البارع لأبي علي البغدادي، والموعب لأبي غالب ولكن لم يعرج الناس على نسخهما، ولذا قل وجودهما، بل مالوا إلى الجمهرة الدريدية والمحكم وجامع ابن القزاز والصحاح والمجمل وأفعال ابن القوطية وأفعال ابن طريف.
و كان أبو العباس المبرد يرفع قدر كتاب العين للخليل ويرويه وكذا ابن درستويه، وقد ألف في الرد على المفضل بن سلمة فيما نسبه من الخلل إليه، ويكاد لا يوجد لأبي إسحاق الزجاج حكاية في اللغة العربية إلا منه. وروى أبو علي الغساني كتاب العين عن الحافظ أبي عمر بن عبد البر، عن عبد الوارث بن سفيان، عن القاضي منذر بن سعيد.
- قلت: وهو صاحب النسخة المشهورة التي كتبها بالقيروان وعورضت بنسخة شيخه بمكة - عن أبي العباس أحمد بن محمد بن ولاد النحوي.
- قلت: وله كتاب المقصور والممدود، جليل الشأن، بدأ فيه من حرف الهمزة - عن أبيه، عن أبي الحسن على بن مهدي، عن ابن معاذ عبد الجابر بن يزيد، عن الليث بن المظفر بن نصر بن سيار، عن الخليل.
ثم قال: ومن مشاهير كتب اللغة التي صنفت على منوال كتاب العين كتاب الجمهرة لأبي بكر بن دريد قال بعضهم: أملاها بفارس ثم بالبصرة وبغداد من حفظه، ولم يستعن عليها بالنظر في شيء من الكتب إلا في الهمزة واللفيف، ولذلك تختلف النسخ والنسخة المعول عليها هي الأخيرة، وآخر ما صح من النسخ نسخة عبيد الله بن أحمد، لأنه كتبها من عدة نسخ وقرأها عليه.
قال السيوطي: وظفرت بنسخة منها بخط أبي اليمن أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الطرابلسي اللغوي، وقد قرأها على ابن خالويه بروايته لها عن ابن دريد، وكتب عليها حواشي من استدراك ابن خالويه على مواضع منها، ونبه على بعض أوهام وتصحيفات، وقال بعضهم: كان لأبي على القالي نسخة من الجمهرة بخط مؤلفها، وكان قد أعطي بها ثلاثمائة مثقال، فأبى فاشتدت الحاجة فباعها بأربعين مثقالا، وكتب عليها هذه الأبيات: أنست بها عشرين عاما وبعتها * وقد طال وجدي بعدها وحنيني و ما كان ظني أنني سأبيعها * ولو خلدتني في السجون ديوني