قارص، وليس هو الحلب الذي هو اللبن المحلوب، أو الحليب: ما لم يتغير طعمه، واعتبر هذا القيد بعض المحققين، والحليب: شراب التمر مجازا قال يصف النخل (1):
لها حليب كأن المسك خالطه * يغشى الندامى عليه الجود والرهق وفي المثل " حلبت صرام " يضرب عند بلوغ الشر حده، والصرام آخر اللبن، قاله الميداني.
والإحلابة والإحلاب، بكسرهما: أن تحلب بضم اللام وكسرها لأهلك وأنت في المرعى لبنا ثم تبعث به إليهم وقد أحلبتهم (2) واسم اللبن الإحلابة أيضا، قال أبو منصور: وهذا مسموع عن العرب صحيح، ومنه الإعجالة والإعجالات أو الإحلابة: ما زاد على السقاء من اللبن إذا جاء به الراعي حين يورد إبله وفيه اللبن، فما زاد على السقاء فهو إحلابة الحي، وقيل: الإحلابة والإحلاب من اللبن: أن تكون إبلهم في المراعي، فمهما حلبوا جمعوا فبلغ وسق بعير حملوه إلى الحي، تقول منه: أحلبت أهلي، يقال: قد جاء بإحلابين وثلاثة أحاليب، وإذا كانوا في الشاء والبقر ففعلوا ما وصفت قالوا: جاءوا بإمخاضين وثلاثة أماخيض، وتقول العرب: " إن كنت كاذبا فحلبت قاعدا " يريدون أن إبله تذهب فيفتقر فيصير صاحب غنم، فبعد أن كان يحلب الإبل قائما صار يحلب الغنم قاعدا، وكذا قولهم " ماله حلب قاعدا وأصبح باردا " أي حلب شاة وشرب ماء باردا لا لبنا حارا، وكذا قولهم: " حلب الدهر أشطره " أي اختبر خير الدهر وشره، كل ذلك في مجمع الأمثال للميداني، والحلوب: ما يحلب، قال كعب ابن سعد الغنوي يرثي أخاه.
يبيت الندى يا أم عمرو ضجيعه * إذا لم يكن في المنقيات حلوب في جملة ابيات له، والمنقيات جمع منقية، ذات النقي، وهو الشحم، وكذلك الحلوبة، وإنما جاء بالهاء لأنك تريد الشيء الذي يحلب، أي الشيء الذي اتخذوه ليحلبوه، وليس لتكثير الفعل، وكذلك القول في (3) الركوبة وغيرها وناقة حلوبة وحلوب للتي تحلب، والهاء أكثر، لأنها بمعنى مفعولة، قال ثعلب: ناقة حلوبة: محلوبة وفي الحديث " إياك والحلوب " أي ذات اللبن، يقال: ناقة حلوب، أي هي مما (4) تحلب، والحلوب والحلوبة سواء، وقيل: الحلوب الاسم، والحلوبة الصفة وحلوبة الإبل والغنم الواحدة (5) فصاعدا قاله اللحياني، ومنه حديث أم معبد " ولا حلوبة في البيت " أي شاة تحلب ورجل حلوب: حالب أي فهو على أصله في المبالغة، وقد أهمله الجوهري، وفي لسان العرب: وكذلك كل فعول إذا كان في معنى مفعول تثبت فيه الهاء، وإذا كان في معنى فاعل لم تثبت فيه الهاء ج أي الحلوبة حلائب وحلب، بضمتين قال اللحياني: كل فعولة من هذا الضرب من الأسماء إن شئت أثبت فيه الهاء وإن شئت حذفت (6)، وقال ابن بري: ومن العرب من يجعل الحلوب واحدة، وشاهده بيت الغنوي يرثي أخاه، وقد تقدم، ومنهم من يجعله جمعا، وشاهده قول نهيك بن إساف الأنصاري:
تقسم جيراني حلوبي كأنما * تقسمها ذؤبان زور ومنور أي تقسم جيراني حلائبي، وزور ومنور: حيان من أعدائه، وكذلك الحلوبة تكون واحدة وجمعا، والحلوبة تكون واحدة وجمعا، والحلوبة للواحدة، وشاهده قول الشاعر:
ما إن رأينا في الزمان ذي الكلب * حلوبة واحدة فتحتلب والحلوبة للجمع (7) شاهده قول الجميج بن منقذ:
لما رأت إبلي قلت حلوبتها * وكل عام عليها عام تجنيب