إنما جعل النفاق في أكثر القراء لأن الرياء فيهم أكثر منه في غيرهم والرياء نفاق ألا أن المنافق يظهر غير ما يسر وذو الرياء يبدي للناس خلاف ميضمر وقال عبد الله بن المبارك هم الزنادقة والنفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الزندقة بعده وأما قوله في حديث آخر ذكر فيه المنافقين فقال " مستكبرون لا يألفون ولا يؤلفون خشب بالليل صخب بالنهار ":
فإنه أراد بقوله " خشب بالليل " أنهم نيام بالليل صرعى كأن جثثهم مطرحة والعرب تقول للقتيل خر كأنه خشبة وكأنه جذع وكذلك النائم وقال جميل بن معمر وذكر [من الطويل] قعدت له والقوم صرعى كأنهم * لدى العيس والأكوار خشب مطرح يريد أنهم قد تمددوا كأنهم الخشب المطرحة وقال الآخر في قتلى [من المتقارب] لدى معرك لعوافي السباع تخالهم خشبا بائدا يريد أن المنافقين في ليلهم نيام لا يصلون ولا يذكرون الله في نهارهم تاركون لذلك مقبلون على الخصومات وأما قول الله جل وعز " كأنهم خشب مسندة " لم يرد في هذا الموضع فيما يرى والله أعلم أنهم نيام وإنما أراد أن أجسادهم عطاف تعجبك إذا رأيتهم كأنهم خشب مسندة وهم مع ذلك جبناء يحسبون كل صيحة عليهم من جبنهم وقال أبو محمد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان " يستظل بظل جفنة عند عبد الله بن جدعان في الإسلام في صكة عمي " بلغني عن العمري حفص بن عمر عن أبي سفيان مولى أبي جعفر عن هشام بن عروة