ومنه بيع الحاضر للبادي " وكان الأعراب إذا قدموا بالسلع لم يقيموا على بيعها فتسهلوا فيه وكان ناس من أهل المصر يتوكلون لهم ببيعها وينطلق الأعراب إلى باديتهم فنهوا عن ذلك ليصيب الناس منهم.
والنجش في المبايعة " هو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ليزيد غيره بزيادته وأصل النجش الختل ومنه قيل للصائد ناجش لأنه يختل الصيد ويحتال له وكل من استشار شيئا فقد نجش.
والشرك ثلاث " شركة المضاربة وشركة العنان وشركة المفاوضة فأما شركة المضاربة فهو أن يدفع رجل إلى رجل مالا يتجر به ويكون الربح منهما على ما يتفقان عليه وتكون الوضيعة على رأس المال.
وأصل المضاربة الضرب في الأرض وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يدفع إلى الرجل ماله على أن يخرج به إلى الشام وغيرها فيبتاع المتاع على هذا الشرط.
وأما شركة العنان " فإنه مأخوذ من قولك عن لك الشئ يعن إذا عرض لك يقال شارك فلان شركة عنان وهو أن يشتركا في شئ خاص كأنه عن لهما أي عرض فاشتركا فيه.
وأما المفاوضة في الشركة " فهو أن يشتركا في جميع ما يستفيدان فلا يصيب واحد منهما شيئا إلا كان فيه للآخر شركة وسميت مفاوضة لأنهما جميعا يعملان ويشرعان في الأخذ والإعطاء ويستويان في الربح ومنه يقال تفاوض الرجلان في الحديث إذا شرعا فيه جميعا.
وكتب إلي الربيع بن سليمان يخبرني عن الشافعي أنه قال شركة المفاوضة باطل ولا تقع الشركة عنده على أمر مجهول ولا تجوز بالعروض ولا بالدين وذلك أن يقول الرجل للرجل ما اشتريت من شئ فهو فيما بيني وبينك وكذلك ما اشتريت فلا تقع بهذا شركة ومن اشترى شيئا فهو له قال ولا تجوز