فالمتوكل الذي خلف الواثق على الحكم سنة (232 ه / 847 م) كان شديد الوطأة على آل البيت وشيعتهم في كل الأمصار، حتى وصل الأمر أن المتظاهر بالتشيع كان يدفع الثمن غاليا، فضلا عن أن يذكر فضائل آل البيت أو ما حل بهم وما لا قوة من ظلم بني العباس، والذي سبق المتوكل ومن تلاه ليس بأحسن حالا منه.
وعلى كل حال، فالراجح أنه (عليه السلام) مات مسموما، وأن زوجته أم الفضل هي التي سمته بإيعاز من عمها المعتصم العباسي الذي ما استدعاه إلى بغداد إلا ليقضي على الإمام (عليه السلام) ويطفئ نوره، وقد فعل.
وهذا إذا عرفنا أن سم الإمام (عليه السلام) كان متوقعا من قبل المحيطين به منذ أمد بعيد، يوم دخل عليه محمد بن علي الهاشمي صبيحة ليلة دخوله بأم الفضل، فكان هذا يتوقع أن يأتوا للإمام بماء مسموم. كما أفلت (عليه السلام) من محاولات سابقة أخرى استهدفت سمه في الطعام.
فقد روى أبو جعفر المشهدي باسناده، عن محمد بن القاسم، عن أبيه، وعن غير واحد من الأصحاب أنه سمع عمر بن الفرج أنه قال: سمعت من أبي جعفر شيئا لو رآه محمد أخي لكفر.
فقلت: وما هو أصلحك الله؟
قال: إني معه يوما بالمدينة إذ قرب الطعام، فقال: " أمسكوا ". فقلت: إي قد جائكم الغيب.
فقال: " علي بالخباز، فجيء به فعاتبه وقال له: " من أمرك أن تسمني في هذا الطعام؟ ".