الأعمال التي قصر فيها، وهذا لا ينطبق بطبيعة الحال على المعصوم أيضا. إذ كيف يمكن لمذنب أو خاطئ أو من لم يعصم عن الخطأ، على الأقل، أن يدعو بغفران ذنب من لا ذنب له؟ أم كيف يعقل أو يستساغ أن أقف أنا أو تقف أنت - مثلا - أو فلان من الناس أمام جثمان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويصلي عليه ويقول في صلاته:
اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته؟ أليس في هذا حط لمقام العصمة، وانتقاص من منزلة المعصوم؟
فمما لا شك فيه أن ذلك لا يتناسب ومقام العصمة الإلهية الشامخ، وعليه إذا تصبح الصلاة كالغسل من مختصات الإمام المعصوم بالإمام المعصوم المماثل.
فالإمام المتوفى إذا غسله وصلى عليه إمام مثله، فلا ضير بعد ذلك أن يغسل مئة مرة أو يصلي عليه ألف من مثل الواثق. فالسنة قد أجريت في المرة الأولى، وما كان بعدها فنافلة.
وهناك بعض الأخبار عن المعصومين تشير إلى أن الذي يغسل الإمام المعصوم (عليه السلام) من عامة الناس يتصور أنه يغسله، لكن الحقيقة هي أن أيديهم لا تصل إليه بإذن الله.
أما الهدف من وراء صلاة الواثق على جنازة الإمام الجواد (عليه السلام) فكان:
أولا: للتغطية عما ارتكبه البلاط العباسي من جريمة آثمة وهي قتلهم لشاب من أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ريعان شبابه، لم يصل إلى العقد الثالث من عمره.
وثانيا: للتمويه على عوام الناس وبسطائهم، بأن العباسيين هم المعزون في هذا الحادث الجلل. فمرة تجد بالأمس مأمونهم يمشي وراء جنازة الامام الرضا (عليه السلام) حافيا حاسرا، ذارفا دموع التماسيح، ومظهرا الحزن والجزع، وأخرى واثقهم اليوم يصلي على الجثمان الطاهر ويبكي ويتأوه لما حل بهم من مصاب.