وروى ابن الجوزي في تاريخه المنتظم، فقال بلغنا عن بعض العلويين أنه قال: كنت أهوى جارية بالمدينة، وتقصر يدي عن ثمنها، فشكوت ذلك إلى محمد بن علي بن موسى الرضا، فبعث فاشتراها سرا. فلما بلغني أنها بيعت ولم أعلم أنه اشتراها، زاد قلقي. فأتيته فأخبرته ببيعها، فقال: من اشتراها؟
قلت: لا أعلم.
قال: فهل لك في الفرجة؟
قلت: نعم. فخرجنا إلى قصر له عنده ضيعة فيها نخل وشجر، وقد قدم إليه فرشا وطعاما، فلما صرنا إلى الضيعة أخذ بيدي ودخلنا، ومنع أصحابه من الدخول، وأقبل يقول لي: بيعت فلانة ولا تدري من اشتراها؟
فأقول: نعم وأبكي، حتى انتهى إلى بيت على بابه ستر، وفيه جارية جالسة على فرش (1) له قيمة، فتراجعت، فقال: والله لتدخلن، فدخلت، فإذا الجارية التي كنت أحبها بعينها، فبهت وتحيرت.
فقال: أفتعرفها؟
قلت: نعم.
قال: هي لك مع الفرش والقصر والضيعة والغلة والطعام، وأقم بحياتي معها، وأبلغ وطرك في التمتع بها. وخرج إلى أصحابه فقال: أما طعامنا فقد صار لغيرنا، فجددوا لنا طعاما، ثم دعا الأكار (2) فعوضه عن حقه من الغلة حتى صارت لي تامة ثم مضى (3).