الشعير، وملح جريش وهو في حرم جده الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما هو عليه من نعيم ورفاهية في الحياة وهو مجاور المأمون العباسي الذي ما استقدمه إلى بغداد وأفاض عليه من لذيذ العيش ونعومته، إلا ليكون المهيمن عليه، والمطلع على شؤون الإمامة، ولكي يحد من تحركات الإمام وسط الأمة أولا.
وثانيا: أراد أن يصرف الإمام الشاب (عليه السلام) بهذا الترف الدنيوي الذي هيأه له عن رسالته التبليغية الهادية للأمة وتوعيتها على حقائق دينها وعقائدها. وكان يجبره أحيانا على أمور يأباها الإمام (عليه السلام)؛ لأنها لا تتفق وخلقه السامي، ولا تنسجم مع رسالته.
ومن ناحية أخرى كانت تصل الإمام أموال طائله من الحقوق والوجوه الشرعية، ولما لم يكن الإمام محتاجا للأموال لتمرير أمور معاشه، إذ كان يقنع من عيشه بخبز شعير وملح. إذا فأين كانت تذهب هذه الأموال؟
لم يذكر التاريخ أن الإمام خلف تركة عظيمة من الأموال التي كانت لديه، وهي التقاطة يبحث عنها الحكام أو الكتاب على الأقل لتوظيفها لمصالحهم السياسية أو العقائدية. وهو ما لم نجد له أثرا في سيرة أئمتنا (عليهم السلام).
وعليه فمن بديهة القول أن الإمام كان يعطي.. يتصدق.. يجري المعاش..
يغني شيعته، أو قل ما شئت من أصناف العطايا والمواهب من الأموال التي كانت تصل إليه، فكان (عليه السلام) يوزعها ويضعها في مواضعها من مستحقيها.
مما تقدم يعتبر استدلالا منطقيا وتاريخيا على كرم الإمام (عليه السلام) وجوده. أما الشواهد التاريخية، فلا يوجد لدينا غير بضعة شواهد نقلها لنا الرواة، وهي لا تتناسب قطعا مع لقب الجواد إذا أردنا منها تعداد وإحصاء الموارد التي كان الإمام (عليه السلام) يجود بها فردا فردا. أما إذا أردنا منها نماذج مما وصلنا عن البذل والعطاء الذي جاد به الجواد (عليه السلام)، فاستحق أن يلقب بهذا اللقب، فنستطيع أن نكون